11 سبتمبر 2025

تسجيل

قصة الحذاء الأحمر

15 فبراير 2022

يحكي الكاتب هانز كريستان اندرسن قصة فتاة صغيرة، هامت بحذاء أحمر لامع أعجبها أكثر من الحذاء بني اللون التي كانت ترتديه. فاستبدلت حذاءها بالحذاء الأحمر، وخرجت به للعالم. وعندها بدأت الفتاة بالحركة، والرقص.. لساعات.. لأيام.. لأسابيع.. لم تستطع الفتاة التوقف عن الرقص. فرقصت حتى دمت ساقاها وتقرحت. وعرفت بأنها ستموت إن لم تتوقف عن الرقص، فطلبت من حطاب أن يقطع رجليها كي تتوقف. قطع الحطاب رجلي الفتاة، فتوقفت عن الرقص وماتت. هذه القصة الكئيبة والحزينة، هي قصة عاشها وسيعيشها البعض. البعض ممن رفض حياتهم وأغرته حياة أخرى أجمل وأفضل وأسعد من تلك التي عاشها وسيعيشها. البعض ممن انساق وراء خدعة العشب دائماً أكثر اخضراراً في الجانب الآخر من السياج (THE GRASS IS ALWAYS GREENER ON THE OTHER SIDE). فولجوا إلى تلك الحياة "الأجمل" "الأسعد" "الأفضل". أجبروا واقعهم على الوجود في هذه الحياة والتركز فيها. فضغطوا على أنفسهم، وأحرقوا جميع أوراقهم، ولعبوا دوراً ليس بدورهم وعاشوا واقعاً ليس بواقعهم، لا يشبههم ولا يشبهونه. وخلال كل ذلك، فقدوا أنفسهم.. الفتاة لم ترض بحذائها البني المريح. واندفعت خلف الأحمر الأخاذ. واستمتعت به قليلاً. دارت ورقصت به للحظات، ثم أوجعها الرقص والدوران. آلمتها رحلة الحذاء الأحمر. لم تستطع عليها ولم تقدر على التأقلم معها. الحياة عبارة عن مجموعة أحذية. نستطيع اختيار منها ما نشاء من الأحجام والألوان والأشكال. لا بأس إن لم نرض بالأحذية التي اُختيرت لنا أو تلك التي اخترناها ثم غيرنا من رأينا. العبرة في اختيار ما يناسبنا ويناسب بيئتنا سواء أكان ذلك على المستوى القريب أو البعيد. ما نختاره من حياة يجب أن يكون نابعاً من قرار نملكه واقتناعنا به لا قرار اُتخذ بالنيابة عنا و بالرغم عنا، أو قرار غُررنا به! فعندما نختار حياة لا تناسبنا، سنتعب ونهلك وتفرغ طاقتنا في دور كان من المفترض به أن يكملنا لا أن يجعلنا ناقصين من الداخل والخارج! الفتاة في قصة اندرسن، لم تعرف بأن اللون البني قد ينتج عن طريق مزج اللون الأحمر والأخضر.. لم تعرف بأنها كان لها أن ترقص وتسعد في حذاء آخر غير الأحمر اللامع. فلكل شخص خيار واختيار، ولكل انسان دور يلعبه في هذه الحياة، كل ما عليه فعله هو أن يعرف ما دوره وما اختياراته.. قبل أن يختار.