28 أكتوبر 2025
تسجيلمنذ أن اعتمدت قبل ثمانية أعوام، في أبوظبي، نسخة عربية من جائزة الرواية البريطانية العالمية، أو جائزة البوكر، كما تسمى، وازدادت كما هو معروف، حمى الكتابة الروائية استعارا في الوطن العربي. روائيون متقاعدون أو منسيون، نفضوا ذاكراتهم الهرمة، وجلسوا على طاولات الكتابة. كتاب صغار بلا أياد تخربش، أو أقدام تثبتهم على درب الكتابة، انتفخت أحلامهم بشدة، وكتاب مثابرون، ثابروا أكثر وكتبوا أكثر، وهكذا.. وتجد في كل يوم جديد رواية جديدة ودار نشر جديدة، وترشيح لجائزة البوكر، ثم قلقا وانتظارا مريرين، حتى تعلن القائمة الطويلة، لتشتعل حمى أخرى، هي حمى الخسارة، حين لا يرضى من خسر، بقرار لجان التحكيم، وهكذا، ثم تعلن القصيرة، وخسارة أخرى، والفائز بالبوكر، في النهاية، ليزداد الجدل، إلى أن تبدأ النسخة الجديدة. جائزة البوكر، للذي يفوز بها في النهاية، قيمتها المادية ستون ألف دولار، وهو مبلغ ليس بالكثير إذا ما قورن بجوائز عربية أخرى، مثل جائزة العويس وجائزة الشيخ زايد التي تضخ إلى الأحلام مبالغ أكثر كثيرا من مبلغ البوكر، وجائزة كتارا الجديدة، التي تمنح حلم تحويل العمل إلى دراما أو سينما، وأتوقع أن تصبح أهم جائزة مستقبلا، لكن لماذا يتسابق الناس على البوكر خاصة، ويصابون بالحمى والهستيريا؟ الأسباب كثيرة بلا شك، فجائزة البوكر، لا تشترط ماضيا حافلا بالكتابة، ولا تجربة ممتدة منذ عشرات السنين، ولا اسما رنانا أو لامعا، ولكن المفترض أنها تتعامل مع النص بحيادية تامة، باحثة عن خصوصيته وفنياته، وقد حصل المصري يوسف زيدان على الجائزة في نسختها الثانية عن رواية "عزازيل"، ولم يكن اسما ولا كان صاحب تجربة، لكن رأى المحكمون أن روايته تستحق الجائزة ومن ثم نالها، وأبعدت روايات أخرى ربما كانت في رأي كثيرين أكثر وقعا وتمثيلا للرواية العربية من عزازيل. وهناك كتاب بعده، حصلوا على الجائزة من نص أول وثان، وكانوا في نظر التحكيم يساحقون، وفي السنوات الأخيرة، باتت لجان التحكيم، تنظر بإمعان إلى كتابات الشباب، وكم من نص شاب، اعتمد في القوائم، ولم تعتمد نصوص لكتاب يحملون تاريخا معروفا من الكتابة.أيضا ستتاح للحاصل على الجائزة، أو الذي يدخل القوائم، أن يعاد طباعة نصه مرات عدة، لأن القارئ العربي ما زال تحت رحمة استفزازه بجائزة ما، حتى يسعى لقراءة الروايات، ثم تأتي فرصة أن يعبر النص الحاصل على الجائزة، إلى لغات أخرى، ويصدر عن دور نشر أوروبية محترمة، من دون وعكة أو معاناة أو انتظار لسنوات طويلة من أجل ذلك العبور.الآن أعلنت القائمة القصيرة للنسخة الحالية، وفيها تنوع بين الشباب ومن اكتهلوا في الكتابة، وبالطبع ستحسم في أبو ظبي، مسألة الحصول على الجائزة، ولا بد أن كثيرين ابتدأوا يكتبون من أجل الموسم المقبل.