10 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يتعاظم العبء يوما بعد يوم، أمام عقلاء أعلام وإعلام وخبراء مصر بأن ينقذوا بلادهم مما تفعل بها عاهات التدمير الذاتي التي تستعصي جرثومتها على اللقاح والعلاج في آنٍ واحد.. أما هاني رسلان الذي ظل يتسنم منصبًا رفيعًا في مركزٍ يصنف على أنه الإستراتيجي الأرفع في مصر، وعلى أنه خبيرٌ في الشأن السوداني، فربما يكون أحد ابتلاءات صناعة الإستراتيجيات في ذلك البلد. وليس من عربي مخلصٍ لا يود لمصر ولشعبها الخير في كل معتركٍ. وأن تقدم مصر نفسها على أنها الشقيق الأكبر لإخوتها العرب فذلك مطلبٌ مشروعٌ، لكن البون يظل شاسعًا بين مسلك ومنطق الشقيق الأكبر، وهذا التناقض الصريح بين بارانويا مزمنةٍ وغطرسةٍ متوهمةٍ، ما يعبر عنها على نحوٍ فاضحِ تناولات بعض إعلام وخبراء مصر كمثل هاني رسلان من نحن بصدد فهاهاته. أما الخطورة فهو انتقال ذلك الداء العضال – عبر هؤلاء – لصناع السياسات وللرأي العام المصري، ما يؤذن بمبادئ التدمير الذاتي.. وهو يراوح ما بين الفوبيا والغطرسة الكذوبة، وتحت عنوان: (خطر الإرهاب القادم من السودان)، كتب رسلان متناولًا تفجير كنيسة العباسية محشِّدًا أشتاتًا من ادعاءاتٍ بئيسة الحبكة ليخلص إلى (تحول السودان إلى ملاذ آمن لهذه العناصر حيث يتلقون الرعاية والتدريب والشحن المعنوي. ثم يتم دفعهم إلى مصر للقيام بعمليات تسعى إلى تحقيق أهداف مركبة تشمل منع عودة السياحة وإضعاف الاقتصاد وهز الاستقرار وبث الفتنة تحت رعاية تحالف إقليمي معروف) على حد قوله.. وعند رسلان فالتحالف الإقليمي المقصود يتمثل في تركيا وقطر ودولٍ خليجيةٍ أخرى.. حيث يقول: (وكذلك الخلية التي وفرت الدعم والإسناد له "يعني منفذ العملية".. تبين أن خيوط هذه العملية تنتهي عند بعض قادة التنظيم الإخواني المقيمين في قطر).. ويواصل في فقرةٍ أخرى قائلًا: (لقد أشرنا استنادا إلى ما نشر في المواقع التابعة للإخوان الهاربين في تركيا وبعض المواقع الخليجية عن وجود المئات من عناصر الجناح الكمالي في السودان).. إذن ذلك هو التحالف الذي تصوره فوبيا رسلان على أنه يستهدف استقرار مصر!.. ثم ينتقل من كهف الفوبيا إلى زيف الغطرسة محرضًا بلاده داعيًا لــ: (اتخاذ ما يلزم من إجراءات للتعامل مع مصادر التهديد. فالوقت لم يعد يحتمل مد حبال الصبر)..الغريب أن صاحب الألف قناع ظل يحل ضيفًا معززًا مكرمًا على السودان مرارًا طوال العقد الأول من الألفية الجديدة، مفندًا لذات التهم التي يتبناها اليوم، وفي أضابير وسائل الإعلام السودانية أكداسٌ من تصريحات أطلقها وجميعها نقيضٌ لما يمشي به اليوم.. فالسودان عنده هو من يتآمر مع إثيوبيا في شأن سد النهضة للإضرار بمصالح مصر، وهو من ينتمي لتحالفٍ يسعى لتقويض استقرار مصر، وهو من يمثل ملاذًا آمنًا لإرهابٍ تقرر كل الموضوعيات أنه يترعرع وينشط حيثما أتاحت له البيئة ذلك..لكن جنون الغطرسة وفوبيا التآمر عند رسلان ومركزه، وأمثاله لا تقف عند حدود السودان بل تتجاوزها كما أسلفنا لتصل المملكة العربية السعودية.. وعند أمثاله فإن خبال الغطرسة يملي على محيط مصر أن يطوع علاقاته الخارجية للبوصلة المصرية وهو القائل في أعقاب زيارة مسؤول سعوديٍّ لإثيوبيا: (إن المملكة تجاوزت كافة الخطوط الحمراء وتقف مع أديس بابا في قضيتها ضد القاهرة وأنها تعني الوصول إلى مرحلة الانتقام).. و(أن تركيا وإثيوبيا ترغبان في إضعاف مصر).. وأن (قطر تحاول إبقاء السودان في حلفها لإثارة الاضطراب والفوضى لاستخدامه كمخلب قط لها).. إذن أي وصف يصدق في حق من يعتبر السودان والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا وإثيوبيا كلها تتآمر على مصر؟..أليست هي ضربٌ مشوشٌ من الغطرسة والبارانويا وهيمنة الفوبيا على هاني رسلان وأمثاله؟.. وحتى إن استسلمنا لذلك الخطل، ألا يوجب ذلك مساءلة رسلان للمبررات المفضية للتآمر المتوهم؟ أم أن رسلان ومركزه هو من يتآمر على بلاده فيمارس سياسة التدمير الذاتي؟وإذا كان الرجل يصنف داخل مصر على أنه رئيس تحرير ملف الأهرام الإستراتيجي ورئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وإذا كان مركز الأهرام يعدُّ الهرم الإستراتيجي في مصر، فقد جاز لنا أن نتساءل عن مستقبل إستراتيجيات مصر في مثل هذا الواقع. خلاصة القول "إن مسلك أمثال رسلان وقطاعات البارانويا التي تتكاثر دون كابحٍ، هي من تبعد مصر يومًا بعد يوم عن أي مقوِّمٍ للشقيق الأكبر.