19 سبتمبر 2025

تسجيل

قتل الأب العربي!

15 يناير 2014

عندما تذهب السكرة يكون المجال أرحب لتداول الفكرة، ما الذي حدث في العالم العربي؟! أين ذهبت شعارات الحرية والديمقراطية والعدالة التي رفعت في شوارع تونس والقاهرة وطرابلس وصنعاء وبقية المدن عندما انفجرت الشوارع وخرج الناس مع بداية "الربيع" وإرهاصاته نهاية 2010 م . سقطت الأنظمة السياسية القمعية المستبدة ولكن لم يسقط الاستبداد وعاد مرة أخرى يلبس أقنعة جديدة باسم الوطنية أو الدين أو المذهب أو الطائفة أو القبيلة. زاد الحال سوءا مع تصاعد الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي، واتسعت دائرة القهر والظلم والنزعات الطائفية والمذهبية والعشائرية في المجتمع، وغدا الحاضر مرعبا أكثر من الماضي؟!من الواضح أن المنطقة بشعوبها لم تخرج من عباءة السلطة الأبوية، وان أقدمت على قتله في ليبيا وسجنته في مصر، وعزلته في اليمن، وما زالت تحاربه في سوريا، السلطة الأبوية ظلت حاضرة وباقية وقادرة على التوالد من رحم الاستبداد والديكتاتورية. إنها إعادة للحكاية القديمة "قتل الأب" التي تناولها فرويد بالبحث والتحليل، وتشير إلى ذلك الرهط البدائي الذي يتزعمه أب ضار، كان يتفرد بالقبيلة ومقدراتها وخيراتها ونسائها، ويقوم بقتل أولاده أو اخصائهم! وبسبب تقادمه بالسن وولادة جيل من الأبناء اللاحقين الصغار الذين حجبتهم الأمهات عن الأب خرج جيل متمرد، قرر أفراده قتل الأب وقد قاموا بذلك ثم طبخوه وأكلوه لكي يأخذوا قوته أو يتماثلوا معه، وبعد هذه العملية ندموا على فعلتهم، فقرروا إحياء طقس سنوي للأب يتم فيه تمجيده وتقديم الأضاحي له. وتأتي أهمية التحليل من رمزيته بالدرجة الأولى، وهي تفيد بالتماهي مع الأب (وسلطته بالدرجة الأولى)، وأخذ مكانه في الوقت نفسه، وليس القطيعة معه، وهو ما حدث مع الأب العربي؟! فسقط الديكتاتور ولم تحدث القطيعة مع الديكتاتورية بل تم التماهي معها في ممارسة جميع السلطات، والاستحواذ على جميع المقدرات، والانفراد بجميع القرارات؟!