03 نوفمبر 2025

تسجيل

أداء نوعي للاقتصاد الإماراتي في 2011

15 يناير 2012

تميز الاقتصاد الإماراتي في العام 2011 بالاستفادة من تعزيز الإنتاج النفطي وبقاء أسعار النفط مرتفعة وتوفير البديل الآمن للتداعيات المرتبطة بالربيع العربي. وربما هذا يفسر جانب من ما جاء في تقرير حديث أصدره (ستاندراد تشارترد) بنك حيث افترض تحقيق الناتج المحلي الإجمالي للإمارات نموا فعليا قدره 3.8 في المائة في العام 2011. ويقترب هذا الرقم من التوقعات الرسمية والتي أشارت لفرضية تسجيل نمو ما بين 3 إلى 3.5 في المائة في العام 2011.تعزيز الإنتاج النفطي جاء على خلفية الفرصة التي توفرت للتعويض عن جانب من تراجع الإنتاج الليبي بالنظر للظروف التي أحيطت بالثورة التي أسقطت نظام القذافي في 2011. وفي كل الأحوال، كانت السعودية هي الأكثر تعويضا بالنظر لتمتعها لطاقة استيعابية إضافية ضخمة، إذ كشفت الإحصاءات الرسمية حديثا بأن متوسط إنتاجها النفطي للعام 2011 بلغ نحو بلع نحو 10 ملايين برميل بدلا من 8 ملايين برميل يوميا وهو مقدار حصتها في أوبك. لكن لم تعلن الإمارات عن المستوى الفعلي للإنتاج استمرارا لمعضلة نشر الإحصاءات الدقيقة لبعض الأمور الحيوية وبالأخص تلك التي تتعلق بالقطاع النفطي. كما تميز العام 2011 بمحافظة أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة نسبيا لأسباب لها علاقة بالربيع العربي من قبيل حدوث تذبذب للإنتاج النفطي الليبي. فقد تراوحت الأسعار في حدود 100 دولار للبرميل الأمر الذي سمح بتعزيز إيرادات الخزانة العامة وبالتالي مستويات الصرف داخل الدولة. من جهة أخرى، وفرت الإمارات خصوصا دبي ملاذا آمنا في أحداث الربيع العربي والتي سيطرت على المشهد السياسي العالمي في 2011. في التفاصيل، نجحت دبي في تعزيز مكانتها كوجهة رئيسة للتجارة والسياحة والاستثمار سواء في مجال العقارات أو الأسهم على مستوى العالم العربي. يعتبر هذا الأمر متميزا خصوصا وأنه تحقق بعد فترة وجيزة من معضلة مديونية دبي والتي تم الكشف عنها نهاية 2008. بالعودة للوراء، قررت دبي وبشكل مفاجئ تأجيل دفع المستحقات دونما ترتيب مع الأطراف الدائنة الأمر الذي شكل فرصة لوسائل الإعلام الدولية للانتقام منها ما تطلب تدخل أبو ظبي لمد يد العون لها لإخراجها من ورطتها المالية. وكان حريا بالمسؤولين في دبي التنسيق مع الجهات الدائنة بخصوص مسألة تأجيل الأقساط المترتبة وليس الإعلان عنها بشكل آحادي مفاجئ دونما التفكير في تداعيات خطوات من هكذا نوع.عودة للموضوع الرئيس للمقال، تميز العام 2011 بمحدودية ظاهرة التضخم حيث لم تزد نسبتها عن 2 في المائة في أحسن الأحوال. بل إن الرقم مرشح للهبوط ربما إلى 1.6 في المائة في العام 2012 لأسباب لها علاقة بوقوع كل من اليورو والدولار بشكل مستقل تحت ضغط بسبب معضلة المديونية لبعض الدول الأوروبية مثل اليونان من جهة والعجز المالي للولايات المتحدة من جهة أخرى. حقيقة القول، كما هو الحال مع بقية اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، يرتبط اقتصاد دول الإمارات العربية المتحدة بالدولار فيما يخص تسعيرة النفط وباليورو بالنسبة للتجارة مع أوروبا. بل تربط الإمارات الدرهم بالدولار تماما كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت والتي بدورها تربط عملتها بسلة من العملات. وفيما يخص اليورو، تعتبر دول الاتحاد الأوروبي الشريك الرئيس الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بصورة جماعية. صحيح أنه ليس كل دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 بلدا تتبنى عملة اليورو، لكن تعتبر بعض الاقتصادات الرئيسة في الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإيطاليا العمود الفقري لدول مجموعة اليورو.وشملت الإيجابيات الأخرى للاقتصاد الإماراتي في العام الماضي تحقيق نتائج لافتة على بعض المؤشرات الدولية والتي تعد مرآة للأداء الاقتصادي. على سبيل المثال، نجحت الإمارات في تعزيز موقعها القيادي على الصعيدين الخليجي والعربي في مؤشر التنمية البشرية للعام 2011 بحلولها في المرتبة رقم 30 دوليا ما يعني مواصلة مشوار تحسين ترتيبها. وكانت الإمارات قد تقدمت ثلاث مراتب في تقرير 2010 الأمر الذي يعكس تعزيز الصرف على الأمور التي لها علاقة مباشرة بمتغيرات التقرير وهي الصحة والتعليم ودخل الفرد. بدورها، حلت قطر في المرتبة الثانية خليجيا وعربيا عبر حلولها في المرتبة رقم 37 دوليا في المؤشر.من جهة أخرى، يواجه الاقتصاد الإماراتي تحديات نوعية بحاجة لمعالجة تشمل ضمان تحقيق تنوع في تكوين الناتج المحلي الإجمالي على مستوى الإمارات السبع، حيث تشير أحدث الإحصاءات المتوافرة إلى سيطرة كل من أبو ظبي ودبي على اقتصاد الدولة. وبحسب تقرير (ستاندراد تشارترد) بلغت نسبة مساهمة كل من أبو ظبي ودبي تحديدا 60 في المائة و29 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي. تعود السيطرة النسبية لإمارة أبو ظبي على الناتج المحلي بالنظر لعامل النفط حيث تعد العاصمة الاتحادية المنتج الأول بلا منازع على الإنتاج النفطي للدولة. بدورها، تلعب دبي دورا محوريا فيما يخص التجارة الدولية، كونها تعتبر البوابة التجارية للإمارات. إضافة إلى ذلك، هناك تحدي التنوع الاقتصادي، إذ يلعب القطاع النفطي دورا جوهريا فيما يخص نتائج المؤشرات الاقتصادية في الإمارات حيث يساهم بنحو ثلاثة أرباع كل من دخل الخزانة والصادرات. بل تعتبر الإيرادات النفطية المساهم الأول بلا منازع فيما يخص تمويل مصروفات الدولة والتي بدورها تعبر عن التوجهات الاقتصادية للدولة. كما يساهم القطاع النفطي بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، ما يعني بأن ديمومة الاقتصاد الإماراتي تقع تحت رحمة تطورات سوق النفط العالمية والتي تخضع لعوامل متنوعة ومعقدة تشمل التقلبات السياسية في العالم وأهواء المتاجرين والمناخ والإنتاج النفطي. [email protected]