12 سبتمبر 2025
تسجيلكم طريقة صحيحة توجد للحياة؟ هل يجب أن تكون الحياة كلها عملا وإنتاجية كي تكون حياة صحيحة؟ أم حياة جُلها لعب وراحة كي تكون الحياة سليمة؟ أم يجب أن تكون الحياة الصحيحة متوازنة بين العمل والاستجمام كي تكون حياة مقبولة؟ ثم ما شكل هذه الحياة المتوازنة بين العمل والراحة، وكيف يتم تحقيقها؟ هل هي حياة مقسومة بالنصف بين العمل والراحة؟ أم حياة ٦٠٪ منها عمل و٤٠٪ منها راحة أو العكس؟ أم أنها نسب أخرى موزعة بين الاثنين؟ نحن لم نُخلق لنجلس ونضع رجلاً فوق الأخرى، ولنُصيّف طوال السنة. الإنسان خُلق ليعمر الأرض وما عليها وليُطوع ما فيها وما بين يديه.. ولكنه أيضاً لم يُخلق ليعمل طوال الوقت، كما قال الرسول في حديثه مع أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي، ساعة للذكر وساعة للدنيا! إذاً، يجب أن نحقق التوازن بين العمل والحياة خارج العمل، وإذا أردنا فعل ذلك، يجب أولاً أن يتوازن العمل في حياتنا، فيأخذ حقه من وقتنا، فلا يطغى على يومنا، ولا ينقص منه. وبعد ما نوازن العمل في حياتنا، ستأخذ راحتنا واستجمامنا القدر الصحيح من وقتنا بشكل تلقائي. وهذا التوازن بين العمل والحياة خارج العمل يعود بالفائدة علينا وعلى غيرنا. هذا التوازن هو ما رمت إليه اليابان بعدما أعلنت أنه سيكون الموظف مخيراً بين العمل لخمسة أيام أو أربعة أيام في الأسبوع. وقد اهتدوا لذلك بعد ارتفاع أعداد الموتى بسبب الإجهاد من العمل والانتحار بسبب ضغط العمل في الإمبراطورية! وكانت ميكروسوفت اليابان قد جربت قبل ذلك إعطاء الموظفين عطلة مدفوعة الأجر في كل جمعة من شهر أغسطس في ٢٠١٩، مما رفع الإنتاجية بنسبة ٤٠٪! وقامت إمارة الشارقة مؤخراً أيضاً بجعل أيام عمل الأسبوع أربعة أيام بدل خمسة. أما بالنسبة لنا في قطر، فقد تم إقرار العمل عن بعد خلال جائحة كورونا، وتم وضع نظام العمل الجزئي مؤخراً، وهو الذي يتيح للموظف العام العمل نصف ساعات العمل المقررة في الأسبوع مع حفاظه على راتبه الأساسي وبعض البدلات والعلاوات. وهذه كلها طرق عمل مرنة تهدف إلى الدفع بالإنتاجية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة، ولكنها ليست الطرق الوحيدة لضمان استمرار العمل بمرونة وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة. فتستطيع مثلاً الجهات الحكومية أو الشركات الخاصة، جعل ساعات العمل في مؤسساتها ساعات مرنة أو اختيار يوم واحد في الأسبوع للعمل عن بعد أو إعطاء الموظف إمكانية الخروج باكراً من العمل في يوم واحد من الأسبوع مع تغطيته لهذه الساعات بقية الأسبوع. توجد طرق كثيرة للعمل بمرونة حتى يعيش المرء حياته بمرونة، وفي النهاية فائدة العمل بمرونة لن تعود على الفرد وحسب، بل على المؤسسة والدولة التي ستنتج أكثر أيضاً، ولنا في التجارب عبرة، فمثلاً بعد تجربة العمل عن بعد خلال جائحة كورونا، تم استخدام هذه الطريقة مرة أخرى من قبل بعض المؤسسات خلال بطولة كأس العرب المقامة حالياً للتخفيف من الازدحام المروري ولإعطاء الحدث حقه. يمكن للمرء أن يعمل بعقل وأن يرتاح باتزان، ولكن تنقصنا الليونة والمرونة اللازمة لذلك.