18 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد القطري قوي

14 ديسمبر 2014

في خضم الاحتفالات الوطنية، لا بأس الحديث عن واقع أداء الاقتصاد القطري بلغة الإحصاءات. باختصار، يعيش الاقتصاد القطري ظروفا حسنة رغم هبوط أسعار النفط بصورة غير عادية في الشهور القليلة الماضية. فبالنسبة للنمو الاقتصادي، يعتقد صندوق النقد الدولي بأن الناتج المحلي الإجمالي القطري حقق نموا قدره 6.5 في المائة في عام 2013 أي الأعلى بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وربما تتغير الصورة الفعلية للنمو الاقتصادي لسنة 2014 على خلفية التغييرات التي حصلت في قطاع النفط العالمي لكن علينا الانتظار، مما لا شك فيه، يشكل القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز حجر الزاوية بالنسبة لإيرادات الخزانة العامة وبالتالي تمويل النفقات العامة وعليه مستوى النشاط الاقتصادي المحلي فضلا عن الصادرات. وطالما الحديث عن أسعار النفط، فقد تبين للجميع صواب قيام السلطات القطرية بتبني متوسط سعر منخفض نسبيا قدره 65 دولارا للبرميل لموازنة 15/2014. على أقل تقدير، لم تهبط أسعار النفط في الأسواق العالمية لهذا الحد الأمر الذي من شأنه عدم التسبب بإعادة غربلة أرقام الموازنة فيما يخص النفقات أو العجز. يرى صندوق النقد الدولي بأن من شأن رصد أرقام واقعية للإيرادات تعزيز مصداقية الأرقام الواردة في الموازنة العامة.كما لا مناص من الإشارة لموضوع مستوى دخل الفرد عند الحديث عن الاقتصاد القطري. فحسب أفضل الإحصاءات، يعد حصول قطر على أعلى معدل دخل للفرد الواحد على مستوى العالم دليلا ماديا على قدرة الاقتصاد القطري بتحقيق إنجازات. وكان البنك الدولي قد أشار في دراسة مقارنة للاقتصادات العالمية بأن نصيب الفرد يزيد في قطر عن 146 ألف دولار استنادا لمبدأ القوة الشرائية. دراسات أخرى تشير لرقم أقل مما جاء في دراسة البنك الدولي لكن يوجد عامل مشترك بين الإحصاءات المختلفة وهو أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قطر يأتي في المقدمة على الصعيد العالمي.من جهة أخرى، لا يعاني الاقتصاد القطري من ظاهرة البطالة في أوساط المواطنين خلافا لما عليه الحال بالنسبة لبعض دول مجلس التعاون. فبحسب تقرير متخصص أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في شهر أكتوبر 2014 حول البطالة في العالم العربي، تقل نسبة البطالة في قطر عن 1 بالمائة أو تحديدا 0.6 بالمائة لكنها ترتفع إلى 1.7 بالمائة في أوساط الشباب. تعتبر الإحصاءات هذه الأدنى بين دول مجلس التعاون، حيث تبلغ نسب البطالة في أوساط المواطنين في 8.1 بالمائة في عمان و7.2 بالمائة في البحرين. وفيما يخص الشباب، تشير الدراسة نفسها إلى أن نسبة البطالة في أوساط الشباب عبارة عن 27.8 بالمائة في السعودية و27.5 بالمائة في البحرين. تعتبر البطالة في أوساط الشباب ظاهرة خطيرة لأنها تعني تعطيل الطاقات الشبابية المسلحة بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث. كما من شأن البطالة في أوساط الشباب دفع البعض لخيار الانضمام للجماعات المتطرفة. كما يلاحظ بأن الأداء اللافت للاقتصاد القطري يحدث في ظل غياب تهديدات تضخمية، إذ من المتوقع أن تتراوح ما بين 3و 4 بالمائة في عامي 2014 و2015. تعتبر نسبة 3 بالمائة من النسب الطبيعية في العالم. يعود الأمر لهذه الظاهرة الطيبة إلى عدم قيام الجهات المصدرة برفع أسعار منتجاتها. وربما تتأصل ظاهرة غياب التضخم المستورد وهي المسألة الدارجة في دول مجلس التعاون في ظل تراجع أسعار النفط. تقليديا، تتبنى الدول المستوردة للنفط مثل الصين والهند برفع أسعار منتجاتها المصدرة في حال ارتفاع أسعار النفط بشكل غير طبيعي بقصد التعويض. حقيقة القول، يتجلى الأداء القوي للاقتصاد القطري بشكل واضح وصريح في المؤشرات الدولية. حديثا فقط، كشف تقرير مدركات الفساد لعام 2014 ومصدره منظمة الشفافية الدولية ومقرها العاصمة الألمانية برلين عن تقدم قطر بمرتبتين ما يعني حلولها في المرتبة رقم 26 عالميا أي مباشرة بعد الإمارات. وعلى هذا الأساس، تتمتع كل من الإمارات وقطر بترتيب أفضل من عدد دول الاتحاد الأوروبي البرتغال وإسبانيا وبولندا. يهتم المؤشر بأمور مثل مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام للرشاوى وبالتالي مستوى استشراء الفساد في المعاملات الرسمية عبر تفضيل البعض على حساب الآخر وبالتالي إمكانية اكتساب أموال غير مشروعة. وفي مؤشر حيوي آخر، حققت قطر المرتبة 23 دوليا أي الأفضل بين الدول العربية قاطبة على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية في إطار التقرير العالمي لتقنية المعلومات للعام 2014. التقرير عبارة عن جهد مشترك بين المنتدى الاقتصادي العالمي وكل من جامعتي إنسياد وكورنيل. يستند مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية على أداء الدول في أربعة مؤشرات وهي: 1) البيئة السياسية والتجارية 2) الجهوزية بالنسبة لمدى توافر البنية التحتية والكلفة والمهارات 3) مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات في أوساط عامة الناس والمؤسسات التجارية والدوائر الرسمية 4) التأثير الكلي لتقنية المعلومات على الاقتصاد والوضع الاجتماعي. وكانت العاصمة القطرية قد استضافت في وقت لاحق من شهر ديسمبر الجاري مؤتمرا حول الاتصالات، حيث تم الإقرار خلاله بدور ريادي لقطر على مستوى العالم في مجال سرعة شبكات الاتصالات. كما تعتبر مستوى توغل وسائل الاتصالات مثل الهاتف النقال والإنترنت من النسب العالية في قطر لأسباب لها علاقة بالوضع الديموغرافي مثل وجود الشباب القدرة الشرائية.عموما، ربما يتبين التأثير الفعلي لتراجع أسعار النفط في أرقام الأداء لعام 2014. الأمل كبير بأن يحافظ الاقتصاد القطري على أدائه المميز في الفترة القادمة وهو أمر ليس ببعيد. ختاما يمكن القول بأن الاقتصاد القطري يعيش أوضاعا مريحة بدليل مختلف الشهادات والتقييمات الدولية الأمر الذي يعكس حسن إدارة دفة الاقتصاد الوطني.