12 سبتمبر 2025
تسجيلفي ظلّ الخجل الاجتماعي وتبعات مفهوم (العيب) تتزلزل قيمة إنسانية مهمّة، تلعب دوراً كبيراً في منح الإنسان الاستقرار الفعلي في حياته الشخصية. فطبيعة البشر تجنح إلى البحث الدائم عن شريك آخر يكمل معنا مسيرة الحياة، وكثيراً ما يرتبط التفاهم والتجانس في تعزيز هذه العلاقة والحكم على استمرارها أو فشلها. ولكن عندما يختلف الطرفان ويجدا نفسيهما (تدّبسا) أو علقا ببعضهما وأثمر هذا عن إنجاب أطفال، يضطران أحياناً إلى الطلاق أو الاستمرار تحت خط التعاسة والمشاكل، وربما البحث عن شريك آخر يُعبئ المساحات الفارغة ويلبي الاحتياج العاطفي المفقود، والمحزن أن تنتهي المرحلة الزوجية إلى اختيار الطلاق كحلّ لإنهاء هذه التعاسة. طبعاً هناك العديد من المشاكل والاختلافات التي يكون فيها الطلاق هو الحل الوحيد ولكن تبقى هناك مشاكل أو ظروف من الممكن تجاوزها، متى ما أراد الطرفان هذا، وسعياً إلى فتح آفاق جديدة للتواصل مع بعضهما البعض. الاحتياج العاطفي، هو أحد المعوّقات التي تواجه الكثيرين وبالأخص من النساء، حيث إن أحد الأطراف لا يستطيع التجاوب العاطفي، لأنه قد لا يملك العاطفة أو لأنه لا يعرف كيف يمتلكها. طبيعة المجتمع الخليجي فرضت العديد من الأمور التي تُقاس عليها الحياة الاجتماعية ومنها مفهوم (العيب) فالرجل وبرغم عاطفته الإنسانية يتغاضى تماماً عن إظهار مشاعره، لأنه يخشى أن يبدو ضعيفاً. أو ركيكاً في صورة الرجل المرسومة اجتماعياً. الكلام الجميل، والتصرّفات العاطفية اللطيفة شبه مفقودة عند بعض الأسر، فيجهل البعض أهمية الاحتضان، والتدليل، والتقبيل، والتعبير عن المشاعر، ليس مع شركائهم فقط بل ومع أبنائهم مما يؤدي إلى امتداد نفس المشكلة والأسلوب الحياتي الجاف لأجيال أخرى. واليوم ومع كثرة المغريات وأسلوب الانفتاح الذي نعيشه، تُفتح أمام الإنسان كثير من النوافذ التي يجد فيها البعض ضالته، ويكفي ما نراه من المسلسلات التي تقدّم (العاطفة) كوجبة دسمة، فهي تدرك تماماً الوتر الحساس الذي تلعب عليه، وتعرف حجم الاحتياج الذي يعيشه الكثير من الناس تحت وقع ظروف مجتمعية معقّدة، ولأهمية هذا الموضوع أخذ العديد من الشيوخ جزاهم الله خيراً في التنبيه إلى ضرورة الملاطفة بالكلمة والفعل، وأيضاً اجتهدت العديد من المؤسّسات في التوعية في هذا الاتجاه. ولكن المهم في كلّ هذه المحاولات أن نحاول كسر الحواجز التي صنعناها بأنفسنا أو صنعتها الظروف، فلا أحد منا قادر على أن يعيش دائماً بلا عاطفة حقيقية وخصوصاً أبناء اليوم المتسرّعين الذين لا يتردّدون في إنهاء ارتباطاتهم بمجرد عدم الحصول على ما يشبع عاطفتهم أو في أي مشكلة صغيرة قد تحلّ، ولا يعلم الكثير منهم أن محاولة واحدة أو تصرّف بسيط من الممكن أن يغيّر حقيقة صعبة وقاسية. إن الإنسان وحده هو القادر على تطبيع علاقاته الخاصة مع مَن يريد وفق ما يريد، فقط هي القناعة بهذا والقناعة لا تأتي إلا من رغبة حقيقية في إيجاد السعادة. لو تأمل الكثير منهم مدى ما يسببونه من أذى نفسّي إلى مَن يعيشون معهم لعرفوا مقدار الظلم الذي يرتكبونه بحقّهم وحقّ أنفسهم. للأسف العديد من الناس قد يلجأ إلى أناس لا يستحقونهم كي يملؤوا فراغات قلوبهم، والمؤسف عندما تكون علاقات غير مجازة شرعاً، فلو فكّر كلّ شخص في أنه من الممكن أن يتسبّب في ضياع نفسه أو شريكه أو حتى أبنائه لأدرك فداحة الخطأ الذي يرتكبه لأنه بتصرّفه قد يدمّر إنساناً صالحاً وجميلاً ويدفعه بشكل أو بآخر إلى (الكذب، الخداع، الخيانة) وغيرها ويدّمر أسرة كاملة لأنه فقط لا يعرف كيف يحب. الحب لغة عظيمة أطّر حدودها وهذّب قوامها ديننا الحنيف، ففي سيرة رسولنا الكريم الكثير من العِبر التي تكشف لنا الحب السليم المعافى. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. قد لا يوجد الحب بين الشركاء أحياناً ولكن الاحترام والمشاعر المهذّبة كفيلة بتغيير أشياء كثيرة، أحبوا أزواجكم، أبناءكم، وفكروا بأساليب حياتية جديدة، ابدأوا بتعليم أبنائكم، الاحتضان والتقبيل، علّموهم أن استمرار الإنسان ليس بعقله فقط بل بقلبه أيضاً..