10 نوفمبر 2025

تسجيل

زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سَيَقْتُلُ مَرْبَعاً، يا أحمد قَطَّان

14 سبتمبر 2017

كالصقرِ العربيِّ الحرِّ الكريمِ، تصدى سعادةُ السيدِ سلطان بن سعد المريخي، وزيرُ الدولةِ للشؤونِ الخارجيةِ، لممثلي دولِ الحصارِ في اجتماعِ الجامعةِ العربيةِ بالقاهرةِ يومَ الثلاثاءِ الماضي، فكانَ خيرَ سفيرٍ لبلادنا وشعبها بقيادةِ سموِّ الأميرِ المفدى، وأسكتَهم، وجمعَ قلوبَ العربِ على احترامِ وحبِّ بلادنا، أميراً وشعباً. في الاجتماعِ، كانَ التنافسُ محموماً بين ممثلي دولِ الحصارِ للفوزِ بالمركزِ الأولِ في التخلفِ الحضاريِّ وضحالةِ الوعي السياسيِّ، وكنا خائفينَ على الدورِ القياديِّ للشقيقةِ الخليجيةِ الكبرى في هذا التنافسِ. فقد استمتعنا كثيراً بالانحطاطِ الأخلاقيِّ والسياسيِّ في كلماتِ أنور قرقاش الدحلاني مندوبِ أبوظبي، ووحيد مبارك سيار ممثلِ الزائدةِ الدوديةِ سياسياً المعروفةِ بجزيرةِ البحرين، وسامح شكري ممثلِ نظامِ الرقصِ أكثر لمن يدفع رزاً أكثرَ، لكنَ استمتاعنا بلغَ الذروةَ بكلمةِ أحمد قطان مندوبِ السعوديةِ الذي قامَ بتبديدِ مخاوفنا حين انتصرَ عليهم انتصاراً عظيماً، فكانت كلمته مضحكةً وممتعةً أكثرَ من كلماتهم، وتحملُ من الخواءِ الأخلاقيِّ والابتذالِ والسفاهةِ ما عجزوا عنه، مما يدفعنا لتحليلِ المضامينِ الفكاهيةِ فيها. 1) أولُ ما يلفتُ النظرَ في الكلمةِ الفكاهيةِ للمندوبِ السعوديِّ هو شعورُ المستمعين بوجودِ حالةٍ مَرَضيةٍ من الكيدِ النسائيِّ فيها. فالنساءُ المشاكساتِ، في المجتمعاتِ المتخلفةِ حضارياً، لا يصدقنَ متى تتاحَ لهنَّ الفرصةُ للتعبيرِ عن عقدةِ شعورهنَّ بالدونيةِ ليأخذنَ بالكذبِ، والتعالي الفارغِ، ويشعرنَ بالراحةِ النفسيةِ لأنهنَّ قمنَ بحكِّ دملِ الانحطاطِ في نفوسهنَّ. ولو نظرنا إلى التهديداتِ العلنيةِ التي وجهها لبلادنا، فسنلاحظُ اللغةَ الصبيانيةَ التي استخدمها. إذ تحدث عنها وكأنها ليستْ دولةً ذات سيادةٍ لديها القدرةُ على الدفاعِ عن سيادتها وشعبها ودستورها، و لها علاقاتٌ دوليةٌ قويةٌ جداً تحولُ دون تهديدها عسكرياً، أو إرهابها بعباراتٍ جاهليةٍ. وكم كانت مسليةً إشارتهُ إلى القدرةِ اللا محدودةِ لبلاده على القيامِ بما تشاءُ ضد بلادنا، وكأنه يقولُ إننا نعيشُ في عصر الجاهليةِ، وأزمنةِ ما قبلَ نشوءِ الدولةِ الحديثةِ والقوانين الدوليةِ، وإنَّ على بلادنا الخضوعَ لما تريده أبوظبي التي تقودُ حلفَ الحصارِ. ونقولُ له إنَّ بلادنا دولةٌ حرةٌ لن يستطيعَ أحدٌ المسَّ بسيادتها وكرامتها الوطنيةِ. 2) الأمرُ الأكثرُ إمتاعاً، في كلمةِ أحمد قطان، هو الإسقاطُ النفسيُّ، أيْ إلقاؤهُ مسؤوليةَ دعمِ الإرهابِ على بلادنا، رغم أنه يعلم، والعالمُ كله يعلمُ، أنَّ القاعدةَ، والفكرَ التكفيريَّ العنفيَّ، وداعش و سواها من مجموعاتٍ إرهابيةٍ، نشأتْ وترعرعتْ منذ ثمانينياتِ القرنِ الماضي برعايةٍ سعوديةٍ مباشرةٍ، و تمَّ تمويلُ معظمِ الأعمالِ الإرهابيةِ الدوليةِ من خلالِ عملياتِ غسيلِ الأموالِ في مصارفِ الإماراتِ. وحتى العنفَ الذي يضربُ مصر، كان نتيجةً لدعمِ السعوديةِ والإماراتِ للانقلابِ الدمويِّ، وتعيينِ موظفهما عبد الفتاح السيسي رئيساً. لذلك، نقولُ له إنَّ من السفاهةِ أنْ تكونَ حجتك هي تصريحاتُ ترامب ولائحةُ أبوظبي للمطلوبينَ في بلادِ حلفِ الحصارِ، فالدولُ لا تبالي بهذه الحجةِ الركيكةِ، والمجتمعُ الدوليُّ والولاياتُ المتحدةُ يحترمانِ جهودَ بلادنا في محاربةِ الإرهابِ، ويتهمانكم بما تتهموننا به، فلا تقرعْ هذا البابَ بشدةٍ لأنَّ ما خلفه ليسَ في صالحكم. 3) ذكرنا تهديدُ قطان لبلادنا بقوله: ستندمونَ، بشاعرينا العربيينِ العظيمينِ: جرير والفرزدق. فقد توعدَ الفرزدقُ رجلاً يدعى مَرْبَعاً بالقتلِ، فسخرَ منه جريرٌ وقالَ فيه شعراً خالداً، منه هذا البيتُ المشهورُ: زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلُ مَرْبَعاً أَبْشِرْ بِطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَــــعُ كلمةٌ أخيرةٌ: نقولُ للأشقاءِ: لا حلَّ إلا باتباعِ مبدأ تميم الذي ينصُّ على (الحوارِ بعدَ رفعِ الحصارِ، وعلى أساسِ احترامِ سيادةِ الدولِ).