13 سبتمبر 2025
تسجيلما تبقّى من العيد هو نحنُ، نحن عينه التي تذرف، حتى الهزيع الأخير من سوريّة، نحن العيد العائد، والوجع الريّان، نحن العيد؛ أضاحيه، وأطفاله العائدون من القصف، والمدن التي صارت مقابر، نحن العيد؛ دهشة ألوانه، وبساتين حزنه، ورسائل الأحياء إلى الموتى، والشوارع التي تركض في الثامنة صباحًا بأحذية بيضاء، والبيوت المفتوحة للقادمين.نحن العيد، نحن عينه وياؤه، وداله الدليل، وانتظار غائبيه، وشرفات معناه، الجمال الذي خبّأته الغيمة، والسراج الذي سرقته النجوم، نحن صباحه، وأراجيحه، وساعات الفُرجة أمام التلفاز.أيها العيد؛ يا صديقنا القديم، أيها العيد؛ يا وعدنا الطلق، أيها العيد؛ يا وعيدنا المطلق، أيها العيد؛ يا نحن، دعنا نسرف في الغناء إلى آخره، الغناء الذي سافر معنا كلّ هذه الكارثة وألبسنا ثوبا بعد ثوب، وجهاتٍ بعد جهات. يوم كنّا بين عطايا الصاروخ الأعمى، ومكر "البلم" الأعور، يوم كنّا على موائد الأمم، بضاعةً مزجاة، وعبأً ثقيلًا.أيها العيد؛ يا نحن، يا مرمى البراميل والصدقات وسلال الأغذية، يا نحن؛ في خيام الأشقاء والأصدقاء، في حبسنا الطويل، يا نحن، في مواقد الحزن الطويل، والحكايات المعتّقة، ونشرات الأخبار المملّة، يا نحن.. النار الذي سكبته الطائرة، والهواء الذي حبسته الحواجز، والتراب الذي حفرته الصواريخ، والماء الذي بكته السماء، يا نحن، يا عناصر هذا الفرح العابر، ويا نشيد هذه الثكالى والأيامى والأرامل، يا نحن.. وحدنا في الممرّ الطويل للتراجيديا، نشرب شاينا الثقيل، ونحترف المأساة على مهل.العيد الذي مرّ هو "نحن"، فلا تبخلوا على الأطفال بالضحكات، وعلى الموت بالشهداء، هكذا حدثني العابر، وهو يلوّح، لم يكن سرابًا ولا أضغاث أحلام، قال لي ما قال ومشى، وهزّ يدي بعنف ومحبة.