14 سبتمبر 2025
تسجيللا أريد أن أخوض كثيراً في موضوع زيادات الرواتب لأن هذا الموضوع أخذ النصيب الأكبر من اهتمام الإعلام ومن الكتاب ووسائل الاتصالات ومن أحاديث الناس، ولأنه ليس لدي أكثر من الذي قيل من الشكر والامتنان لهذه المكرمة التي أتت من كريم لشعب وفيّ ويستحق. بما أن المكرمة لم تشمل جميع المواطنين إذ أن هناك فئات لم يكن لها نصيب منها كالشؤون الاجتماعية من الأرامل والمطلقات، بالاضافة إلى بقية موظفي الدولة من أصحاب الوثائق وأبناء القطريات ومواليد الدوحة، إذن سيصبح هناك تفاوت في دخل الأفراد داخل الدولة، مما سينعكس على نمط المعيشة والاستهلاك، فمن المعروف أن الزيادة ستزيد من القدرة الشرائية وكردة فعل طبيعية سترتفع الأسعار لأنه حتى الآن لا توجد قوانين صارمة تضبط ذبذبات السوق، وفي النهاية حتماً ستؤدي إلى ارتفاع في معدلات التضخم، والتي قد تدخلنا في متاهات أخرى إن لم نعرف كيف نتعامل معها أو كيف نواجهها. برأيي المتواضع أن المواجهة لابد أن تكون من جانبين الأول على المستوى الحكومي وذلك من خلال اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة وجادة بل وقوية تفرز عن قوانين تضبط مؤشر الارتفاع والانخفاض المحلي، فحماية المستهلك دون قانون واضح يرهب أو لنقل يلجم استغلال البعض من التجار لفرصة الزيادة والمواسم والمناسبات لأولئك الذين ليس بيدهم حيلة سوى الدفع فكما تعلمون أن السوق القطري خاضع للاحتكار وفرص التنوع في الاختيار ضعيفة مما يترتب على ذلك الاستسلام بالنسبة للمستهلك لأنه لا بديل ولا مفر خصوصا مع ضغوطات الحياة التي تجعلنا دائماً وبدون شعور أحياناً لا نستطيع التمييز بين المهم والأهم، وأعتقد هنا أن الأمر منوط بقرارات عليا، فهي الوحيدة القادرة على ضبط الأمور والوقاية من مشاكل لم تكن في الحسبان. أما الجانب الثاني وهو برأيي لا يتجزأ عن الآخر في أهميته، (الشعور بالمسؤولية) تجاه مجتمعنا الأصغر ابتداء من الأسرة والأكبر ما حولنا، فوعينا التام بما يدور حولنا من تلاعبات واستغفالات واستغلال قد يقينا شر الوقوع كضحايا والأهم كي لا يعيدنا إلى نقطة ما قبل الزيادة، كيف؟ أولاً تحكمنا في سلوكياتنا الشرائية وتقليمها بما يتوافق مع احتياجات المستقبل والنظرة البعيدة بحيث لا نغرق أنفسنا في متاهات من الديون الجديدة دون حاجة لذلك أو نبالغ في معدلات استهلاكنا للمأكل والملبس أو المظاهر المرتبطة الأخرى، ثانياً تمييزنا للأسعار والجهات أو المحلات التي رفعت من أسعارها وقيامنا بدور ايجابي وذلك بمقاطعتها كما فعل العديد من الشباب بابتكار حملات للدفاع عن أرزاقهم التي يتربص بها البعض، ثم الإبلاغ عن كل ما هو مخالف للمسموح إلى الجهات المختصة (حماية المستهلك) ولا تتكاسل (وتقول) غيري يقوم بالواجب، أبداً جميعنا مسؤولون وجميعنا يجب أن يكون لدينا الوعي الكافي بطريقة الحفاظ على توازن معيشتنا سواء أكانت معنوية أو مادية. إن التراخي والتناسي أو اللامبالاة والاستمتاع بما هو في ايدينا الآن نتائجه واحدة وهي الاستيقاظ على هموم أخرى من الضيق والعسر والتذمر، لذا لا تكونوا سلبيين وبلا مسؤولية. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. لأننا نحب وطننا ولأننا الباقون على أرضه حتى الممات لا تسترخصوا بمكانه في قلوبكم، ولا تسمحوا لأحد أن يجعله مصدر نقد أو تذمر، أو وسيلة لإرضاء أنانيته، تغيروا وغيروا أنفسكم وحاولوا أن تعيدوا جدولة حياتكم مع واقع جديد يحتاج إلى الوعي والإتزان قبل أي شيء.