03 نوفمبر 2025

تسجيل

الكويت وتحديات المالية العامة

14 أغسطس 2016

تتجه الكويت بصورة تدريجية نحو معالجة بعض التحديات الرئيسية التي تواجه المالية العامة في بيئة الأسعار المنخفضة للنفط. ويشار إلى أن دول أخرى أعضاء في مجلس التعاون تبنت خطوات أسرع من الكويت فيما يخص الحد من الدعم المقدم للمشتقات النفطية على سبيل المثال. مؤكد أن للكويت ظروفها الخاصة بها لأن الأمر يتطلب حلا وسطا بين الحكومة المعينة من جهة والبرلمان المنتخب من جهة أخرى. ويعرف عن أعضاء مجلس الأمة في الكويت سعيهم الحثيث لتعزيز الفوائد الاقتصادية للمواطنين وليس العكس. في الآونة الأخيرة، قررت السلطات الحد من مستوى الدعم للمنتجات النفطية في السوق المحلية وذلك في إطار جهود ترشيد مصادر الموازنة العامة واستخدام. وعلى هذا الأساس، تم رفع كلفة البنزين منخفض الأوكتين بواقع 41 بالمائة إلى 28 سنتا أمريكيا للتر الواحد. كما تم رفع تكلفة البنزين عالي الجودة بنسبة 61 بالمائة إلى 35 سنتا للتر. أيضا، تم تعزيز ثمن بنزين أولترا أو النوع الصديق للبيئة منخفضة الانبعاثات بنسبة 83 في المائة إلى 55 سنتا ليتر الواحد. استهداف الحكومة لقطاع الطاقة أمر يمكن تفهمه حيث شكلت كلفة الدعم نحو 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015. كما أن قرار تخويل لجنة بمراجعة أسعار المشتقات النفطية شهريا وتبني التعديلات اللازمة انعكاسا للأسعار السائدة في الأسواق الدولية أمر مفيد. وفي خطوة مثيرة أخرى، قررت الجهات الرسمية رفع الرسوم الجمركية على الكهرباء والمياه للشركات بالإضافة إلى المقيمين الأجانب لكن ابتداء من سبتمبر 2017. ومن الواضح أنه تم تصميم فترة سماح طويلة لمنح الأطراف المعنية فرصة كافية لإجراء التعديلات اللازمة. حقيقة القول، توفر نتائج السنة المالية 2015/2016 التي انتهت في مارس أسبابا مفهومة للخطوات المشار إليها أعلاه، بالنظر لتسجيل عجز قدره 15.3 مليار دولار في الموازنة. لكن يقل الرقم عن المبلغ الذي تم افتراضه عند إعداد الموازنة وقدره 27 مليار دولار. وقد تم تقليل مستوى العجز المتوقع عبر تخفيض الإنفاق بنسبة 15 بالمائة وصولا إلى 60.5 مليار دولار. وتتميز الكويت بإنفاق مبالغ فعلية أقل مقارنة بتلك المرصودة انعكاسا لإجراءات الموافقة المطولة والإشراف من قبل السلطة التشريعية. إلى ذلك، هبطت إيرادات الخزانة العامة بواقع 45 بالمائة إلى قرابة 45 مليار دولار على خلفية بقاء أسعار النفط منخفضة خلال السنة المالية، إذ بلغ متوسط النفط الكويتي 42 دولارا للبرميل. بل تراجع دخل القطاع النفطي بنسبة 46 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة إلى 40 مليار دولار الأمر الذي أسهم بتقليص أهميته النسبية من 95 بالمائة إلى 89 بالمائة من مجموع الإيرادات، في غضون سنة واحدة. بالنظر للأمام، تم إعداد موازنة السنة المالية 2016/2017 بإيرادات ونفقات قدرها 24.4 مليار دولار و62.2 مليار دولار على التوالي. لكن من المرجح حصول تغيير مادي في الأرقام النهائية خصوصا الحد من النفقات لتحاشي تسجيل عجز مرتفع جدا. حديثا وفي خطوة فريدة من نوعها، قررت وكالة موديز للائتمان منح الاقتصاد الكويتي نظرة مستقبلية سلبية بسبب شكوك حول قدرة الكويت على تنفيذ إصلاحات في الاقتصاد بشكل عام والمالية العامة بشكل خاص. يبقى ما يبعث على الاطمئنان بالنسبة للمتعاملين مع الكويت من دائنين وموردين وهو الاحتفاظ بمبلغ ضخم في مجال الثروة السيادية وتحديدا 592 مليار دولار حسب أحدث إحصاءات معهد صندوق الثروة السيادية، أي في المرتبة السادسة على مستوى العالم، ما يعد إنجازا للبلاد ولمجلس التعاون الخليجي.