14 سبتمبر 2025

تسجيل

السيف والمنسف!

14 أغسطس 2013

بعد استقرار دول المنطقة العربية بما فيها دول الخليج من دخول حقبة النفط وانتهاء السيطرة الاستعمارية المباشرة وبدء مرحلة تكوين الدولة، اتبعت بعض الدول معادلة السيف والمنسف في تثبيت وتدعيم قوانين وأنطمة الحكم وبناء عقد اجتماعي يقوم على الولاء والتبعية والقبول. والسيف يرمز إلى دلالة السلطة والقوة والنفوذ، والمنسف يعبر عن المادة والمال والجاة. استمرأت المعادلة التي تحاول الموازنة بين الاثنين وترجيح كفة المنسف لعقود نتيجة الوفرة الاقتصادية وارتفاع العوائد البترولية، ويبدو اليوم في ظل الاضطرابات في المنطقة وارتفاع سقف المطالب السياسية وتداعيات الثورات العربية والمعاناة الاقتصادية والمالية في بعض الدول وتحكم بعض الأفراد والقلة في المقدرات الاقتصادية والاستثمارية وصناعة القرارات المصيرية، إلى قلب المعادلة وتقليص خيار تحكيم المنسف وتوسيع دائرة اللجوء إلى خيارات السيف والحلول الأمنية والمواجهة بالعنف والقبضة الحديدية.المعلومات التي نقلتها بعض وسائل الإعلام الدولية تشير إلى حملات التسويق التي تقوم بها مؤسسات أمنية لبيع المعدات والأسلحة والتدريب على المواجهة وتوفير المرتزقة الأجانب والميليشيا الأجنبية المسلحة لمواجهة أي حراك أو مطالب شعبية في الشارع. ومن هذه الشركات "بلاك ووتر" العالمية (Blackwater Worldwide) والتي تعني الماء الأسود، وهي تعتبر إحدى أكبر وأقوى منظمات المرتزقة السرية في العالم. ويقع مركزها في المناطق البرية المهجورة من شمال كارولينا، وتشكل الجيش الخاص الأكثر نموا على وجه الأرض، بقوات قادرة على القيام بعمليات قلب الأنظمة الحاكمة في أي بلد في العالم كما يشير إلى ذلك كتاب جيريمي سكاهيل " Jeremy Scahill " بعنوان (بلاك ووتر أمريكا... قتلة مأجورين بزي أمريكي). وكما وصفتها الوشنطن بوست تقوم الشركة بتوقيع عقود مع حكومات أجنبية منها حكومات دول مسلمة لتقديم خدمات أمنية بموافقة حكومة الولايات المتحدة، وهي حتى لا تمانع في وجود الشواذ في صفوفها. ومعروف عن أنها ارتكبَتْ المَجازر في العراق وخرجت منها بدون مساءلة قانونيَّة أو خضوع لأي محاسبة، أو تقيد بمعاهدات دولية.المؤسف أن يتكرر السيناريو العراقي في أي دول عربية أو خليجية، فشعوب هذه المنطقة مسالمة وصبورة وليس لها تاريخ في العنف حتى في دول الثورات لم تخرج إلا بحثا عن الحرية والكرامة. إن المعادلة في الخليج بحاجة إلى إعادة صياغة تركز على تأسيس مرحلة سيادة القانون وإقرار الحريات وترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد، فنظرية السيف والمنسف انتهت صلاحيتها.