14 سبتمبر 2025

تسجيل

"المكان بمن فيه"

14 أغسطس 2012

"المكان بمن فيه" كلمات وإن تغيرت في الشكل إلا أنها تميل إلى التحفظ على نفس المضمون، والدليل أننا وعلى مر الزمان، نظل نكررها، ونؤكد عليها، خاصة حين نشعر بأن أمر بقائنا في المكان الذي يحتوينا لا يعود إلينا، بل إلى رغبة لا حكم لنا عليها، وكل ما في الأمر أنها تجبرنا على البقاء وإن تعسرت الظروف، فنجد أن (الود) حالة تتودد إلينا؛ كي نظل، وإن كان الواقع يعاني من حلكة لا حل لها، والعكس تماماً بما يتعلق بوجودنا وسط مكان وإن تمتع بكثير من المزايا التي قد تحوله إلى جنة، إلا أن ذلك لا ولن يغفر لمن فيه، ممن يتحدون؛ ليعملوا عمل (عامل طرد) يطردنا بعد أن يحول حياتنا لجحيم لا يعرف إلا الجحيم، ويُضيق علينا الخناق حتى يتمكن منا السأم والملل؛ لنقبل بالهروب كخيار لا خيار لنا سواه، وسط كومة من الرغبات التي تنادي بذلك؛ لأن المكان بمن فيه، و( كل من فيه) أحد أهم الأسباب التي تؤثر على رغبتنا في البقاء أو الهروب بعيداً. إن ما ذُكر سلفاً هو الواقع الذي يقع على الكثير منا؛ ليختبر صبره ومدى قدرته على التحمل، تحت جملة من الضغوطات التي تضغط وبشدة، ولكن تختلف ردود الأفعال دون شك، وهو الأمر ذاته مع كل بقعة تحتضن وجودنا ولوقت يتجاوز حدود المعقول، مما يثير الكثير من الأسئلة التي تكاد تبدأ ولا تنتهي، وتسحب معها خلال كل ذلك الوقت مجموعة من المشاعر المضطربة التي تعبر عن الداخل فيظهر أثرها على الخارج، وينعكس على جودة كل ما نقوم به، وبالتالي تُصاب الحياة بأزمة عاطفية تفر بها وتجعلها شاردة الذهن كل الوقت، دون أن تتمكن من النطق بكلمة واحدة تساعدها على الكشف عن حقيقة ما تمر به وتعيشه حتى نصل إلى هذا السؤال: هل يمكن بأن نستمر في هذا المكان الذي يحتوينا وإن لم يكن كذلك؟ أم أنه يتوجب علينا بأن نرحل إلى مكان آخر؟ وهو السؤال الذي يجد البعض فيه من العذاب ما يكفي، ولكن يظل العذاب الذي تتسبب به الحيرة أهون بكثير من العذاب الذي يعاني منه المكان ويفرضه عليه، وهو ما لا يجبره على الرحيل أبداً، ولا يجدر بأن يفعل بتاتاً؛ لأن ذلك يُعد هروباً من الواقع (الواقع) نحو بقعة مجهولة الهوية لا يمكن تكهن معالمها، التي ولربما تحمل بين طياتها من القسوة ما يكفي؛ لأن يجر الأقدام من جديد، ويحثها على الهروب بعيداً نحو مصير لن يختلف عن سابقه، وهو ما يستدعي منا التوقف وللحظة للتفكير بحل لهذه المصيبة يبدأ بسؤال لن ينتهي أبداً: إلى متى ونحن نهرب؟ المواجهة خير الحلول إن المواجهة هي خير الحلول التي تعين في مواقف كتلك التي تضعك في بقعة لربما تمقتها، ولكنها وفي المقابل تأخذ حيزاً لا يُستهان به من حياتك، وواقع أنك لا تريد المواجهة وتفضل الهروب لن يُكسبك شيئاً سوى القليل من الوقت، الذي ستخمد معه الأوضاع، ولكنها ستعود من جديد؛ لتشتعل وكأن شيئاً لم يكن، وهو ما سيضعك برأس الطريق؛ لتعيش كل ما مضى من جديد. ثم ماذا؟ هذه الأيام هي الأخيرة من الشهر الفضيل، وفرصة جيدة تستحق أن نغتنمها؛ كي نُصحح الأوضاع، فتعود إلى نصابها وصوابها، وكلماتنا لهذا اليوم موجهة لكل من ضل الطريق، وحسب بأنه قد فقد كل شيء؛ ليرجع بخطواته إلى المكان الصحيح، ويتذكر أن هذه الكلمات (المكان بمن فيه) تعنيه هو، أي أنه من يستطيع تحويل المكان الذي يحتويه إلى جنة يحبها أو أي شيء آخر يمقته؛ لأنه لو ربط المكان بغير ذلك فإنه وبلاشك سيعاني كثيراً، ولن يتمكن من متابعة حياته نحو كل ما يحلم به ويطمح الوصول إليه، وعليه فإن آخر ما نطلبه منك هذه المرة هو التفكر بهذه الفرصة الذهبية التي لا يمكن تجاهلها أبداً، ولتكن بدايتك من هنا، وكل عام ونحن جميعاً بخير.