12 سبتمبر 2025

تسجيل

ما ظنك باثنين الله ثالثهما

14 يوليو 2024

ضاقت قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم ذرعاً، كما تضيق القوة الغاشمة دائماً بكلمة الحق، لا تملك لها دفعاً، ولا تطيق عليها صبراً، فائتمرت به، وقررت أن تتخلص منه؛ فأطلعه الله على ما ائتمرت، وأوحي إليه بالخروج، فخرج وحيداً إلا من صاحبه الصدّيق، لا جيش ولا عدة، وأعداؤه كثر، وقوتهم إلى قوته ظاهرة. وفي الهجرة من الدروس ما ينبغي التوقف عنده: - التخطيط بداية الظفر أعد النبي صلى الله عليه وسلم خطة محكمة في إشارة مفادها أن قوة الحق لا تحجب حق القوة، فالبذل والتضحية والتخطيط جالب للإعانة الإلهية. وضعت الخطة بكل تفاصيلها فالقائد: محمد، والمساعد: أبو بكر، والفدائي: علي، والتموين: أسماء، والاستخبارات: عبدالله، والتغطية وتعمية العدو: عامر، ودليل الرحلة: عبدالله بن أريقط، والمكان المؤقت: غار ثور، وموعد الانطلاق: بعد ثلاثة أيام، وخط السير: الطريق الساحلي. وهذا أول درس ينبغي أن يكون عالقا في ذهن كل مسلم، فهذا النبي وهو النبي لم يرتكن على الحق الذي معه، ولم ينتظر ملكا يحمله من مكة إلى المدينة، بل خطة بذل فيها كل ما عليه صلى الله عليه وسلم. -اليقين في الله معين الصالحين على طريق التمكين: كانت الهجرة أعظم درس في التوكل على الله والاعتصام بحبل الله:فقد كانت الرحلة مغامرة محفوفة بالمخاطر التي تطير لها الرؤوس.فالسيوف تحاصره عليه الصلاة والسلام في بيته وليس بينه وبينها إلا الباب.. والمطاردون يقفون أمامه على مدخل الغار.. وسراقة الفارس المدجج بالسلاح يدنو منه حتى يسمع قراءته.. والرسول صلى الله عليه وسلم في ظل هذه الظروف العصيبة متوكل على ربه واثق من نصره. يقول للصديق في ثبات ويقين: ما ظنك باثنين الله ثالثهما. - العناية الإلهية تعمل في الخفاء متى ما بذل المسلمون الأسباب: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعزل محاصر، خرج إلى المجرمين واخترق صفوفهم وهو في أمان من أعينهم أو سيوفهم وتلك عناية الله. يقفون عند الغار ويقفون على بابه فلا يطأطئ أحدهم رأسه لينظر في الغار، وتلك هي الرعاية فرس سراقة يمشي في أرض صلبه فتسيخ قدماه في الأرض وكأنما هي تسير في الطين، وتلك هي الحماية. شاة أم معبد الهزيلة يتفجر ضرعها باللبن، وغير ذلك من المعجزات التي تدل على معية الله لعباده متى ما أخذوا بالأسباب. في إشارة بينة مفادها أن الله إذا أراد نصر المؤمنين خرق القوانين، وقلب الموازين {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} ولعلنا في مقال قادم نكمل تلك الدروس والفوائد.