28 أكتوبر 2025

تسجيل

الطموح المؤذي

14 يوليو 2024

الطموح والتميّز وتقّلد المناصب حق مشروع للجميع، ومنذ صغرنا ويتردد علينا سؤال ( ماذا تريد أن تكون عليه عندما تكبر؟) ومازلنا نردد هذا السؤال على الصغار ونوجههم للتخصص الأنسب والذي قد يصنع منهم شخصيات مرموقة أو مُلهمة ومؤثرة في المجتمع، وبالتأكيد أن كل منّا كل لديه حلم سعى خلال سنوات عمله لتحقيقه، وربما حققه فعلاً أو مازال على الطريق أو اختلف الهدف وأنجز أهدافا لم تكن في الحسبان، وخلال رحلة تحقيق الأهداف والإنجازات يمر الإنسان بتحديات كبيرة وضغوطات متنوعة قد يواجهها بصعوبة ويتغلب عليها وربما تؤدي به بالفشل المؤقت الذي قد يتجاوزه فالقاعدة الحياتية ليس بها نجاح دائم ولا فشل دائم، فالتغيير أساس دورة الحياة ولا شيء يبقى على حاله إلاّ المبادئ الثابتة والأخلاق والقيم، وغير ذلك قابل للتغير، وفي زمن يكثر فيه المتلونون والمنافقون أصبحت المبادئ أمرا نادرا، وبات صاحب المبادئ والمتمسك بالقيم مستبعدا ويعيش في عالم مثالي لا يتقبله المنافقون فيتهمونه بالتمثيل أو التظاهر بالطيبة والحكمة والأخلاق الحميدة لأنهم لا يتقبلون أن يضم المجتمع شخصيات سوية ونظيفة وتتعامل بمبادئ سامية، فإما أن يتعرضوا للتنمر أو الإقصاء والتهميش، ومع ذلك يشعرون بالفخر لأنهم على صواب وإن غردوا خارج السرب فالافضل أن يمشي الانسان وحيداً من أن يكون تابعاً للقطيع غير السوي! يعتبر النفوذ والسلطة والشهرة من ملذات الحياة التي يحتاج أصحابها إلى التسلح بالمبادئ والأخلاق وإلا للأسف قد يفسد الشخص وتفسد المنظومة التي يديرها، فإذا لم يكن صاحب المنصب متمسكًا بالحكمة والقيم فقد يسهل التأثير عليه من المنافقين الذين يحاوطنه، وربما مرت علينا قصص لمدراء فقدوا مناصبهم بسبب النميمة وتأثير الموظفين على قراراتهم والمساهمة في تشويه سمعة الموظفين المخلصين والتسبب في أذيتهم، فالفاسد دائماً يحاول أن يُفسد من حوله ولا يتقبل الصالحين، وهذه أكبر مشكلة تعاني منها المؤسسات بل وحتى الأشخاص، فالإنسان السيئ يحاول دائماً أن يشيع الفساد حوله، وعندما تمتد الاحاديث لبيئة العمل أنصدم من كمية الموظفين الفاسدين الذين يحاربون المتميزين في عملهم وفي كل المجالات العملية، فتجد المعاناة من البيئة المسمومة وغير الصحية مما ينعكس على اداء الموظفين الذين يفقدون الشغف ويعملون من أجل الراتب فقط لا من أجل نجاح المؤسسة وتميزها أو لتحقيق الطموحات القيادية، خاصة عندما يشاهد الموظف المنافسة غير الشريفة والمؤذية حوله فتنهار طموحاته ويفضل أن يعمل بصمت وعلى قدر ساعات الدوام فقط ويعتزل الآخرين قدر الإمكان حتى لا يحدث الصدام بينه وبين الآخرين وحتى لا يجد نفسه عالقاً في حرب تنافسية هو في غنى عنها! الأصل في العمل التعاون والألفة وإن لم يكن الود موجوداً، فاختلاف وجهات النظر أمر صحي في بيئة العمل، كما أن المؤسسات والمشاريع لا تقوم على شخص واحد بل تعتمد على العمل الجماعي الذي يتطلب الاحتكاك بالآخرين وسماع آرائهم التي قد تكون سديدة، كما أن الاحترام سيد الموقف في العمل الجماعي والمهنية في التعامل بتوثيق كل الملفات والانجازات فلا يجوز أن يُنسب النجاح لشخص واحد ولا يصح أن يطلب أحدهم العمل من الاخرين ليعرضه للإدارة العليا باسمه مثلاً، ناهيك عن احترام الوقت وتسليم المطلوب في الموعيد المحددة وتشجيع الفريق بالعمل والثناء عليهم بكلمات محفزة والاحتفال بالإنجازات، والأهم عدم الوشاية أو تسريب المعلومات أثناء عمل المشاريع إلاّ بعد مشاورة باقي اعضاء الفريق، والمشاورة من أساسيات العمل الجماعي الذي يجب أن يتمسك بها كل أعضاء الفريق وحب النجاح للجميع، ولا يمكن لموظف واحد مهما كانت قدراته أن يعمل منفرداً في إنجاز مشروع ناجح لذلك لابد من احترام مبادئ العمل الجماعي. • الإطاحة بالآخرين وتشويه سمعتهم عمل غير محمود أبداً، وستدور الأيام وستحاك المؤامرات وسيُسقى الشخص من نفس الكأس ويتم إقصاؤه وتشويه سمعته، لذلك لابد من توخي الحذر في التعامل مع الآخرين ومراعاة الله في كل تعاملاتنا حتى لا نسقط في بئر الظلم الذي سيظل الظالم قابعاً فيه للأبد!! • ترك الأثر الطيب والسمعة الطيبة هو ما يجب أن يسعى له الإنسان في كل جوانب حياته العملية والاجتماعية فهو الإرث الباقي له!