16 سبتمبر 2025
تسجيلقال الله تعالى في محكم تنزيله (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (البقرة: 237). هناك خطأ شائع بين الناس في فهم المقصود بوصية الله تعالى في الآية العظيمة في سورة البقرة (ولا تنسوا الفضل بينكم)؛ إذ يظن الكثيرون أن المقصود بها: أي لا تنسوا الفضل الذي كان بينكم فيما مضى من الزمان، أو الخير والمعروف الذي فعله الطرف الآخر لكم، وبما أن الآية جاءت في سياق ذكر آيات الطلاق والفراق بين الزوجين، فيفهم الكثيرون من الآية النهيَ عن نسيان العشرة التي كانت من الزوجين، وهذا المعنى غير صحيح، وليس هو المقصود بالآية الكريمة، ولم يقل به أحد من المفسرين المعتبرين، إنما المعنى الصحيح لها أن الله عز وجل ينهانا أن ننسى الفضل والمعروف والإحسان في تعاملنا فيما بيننا، وهو عامٌ لكل الناس وليس خاصاً فيما بين الزوجين فقط. المعروف والإحسان من أعلى القيم العداء الكيني أبيل موتاي الذي كان على بعد أقدام قليلة من خط النهاية، لكنه أصبح مرتبكاً مع اللافتات وتوقف، معتقداً أنه أكمل السباق. كان العداء الإسباني، إيفان فرنانديز، خلفه مباشرة، وإدراكاً لما كان يحدث، بدأ بالصراخ في الكيني لمواصلة الجري. لم يكن موتاي يعرف الإسبانية ولم يفهم. دفع فرنانديز موتاي حتي يكمل السباق وينتصر.* سأل أحد الصحفيين إيفان، "لماذا فعلت ذلك؟" أجاب إيفان، "حلمي هو أنه في يوم من الأيام يمكننا أن نحظى بنوع من الحياة المجتمعية، حيث ندفع ونساعد بعضنا البعض لتحقيق الفوز." وأصر الصحفي: "لكن لماذا تركت الكيني ينتصر؟" أجاب إيفان: "لم أدعه يفوز، كان سيفوز. كان السباق له". أصر الصحفي، وسأل مرة أخرى: "لكن كان بإمكانك الفوز!" نظر إليه إيفان وأجاب، "ولكن ما هي ميزة انتصاري؟ ما هو الشرف في تلك الميدالية؟ ماذا ستفكر والدتي في ذلك؟" القيم تنتقل من جيل إلى جيل دعونا لا نعلم أطفالنا الطرق والوسائل الخاطئة للفوز، وبدلاً من ذلك، دعونا ننقل جمال وإنسانية مد يد المساعدة، لأن الصدق والأخلاق هي الفوز! إننا في تعاملنا مع الناس إما أن نتعامل بالعدل ونطالب بحقوقنا وافيةً، وإما أن نتعامل بالرحمة ونتجاوز عن حقنا أو بعض حقنا لمن نتعامل معه، وذلك من باب الرحمة أو العفو أو الإحسان. إفشاء قيمة العفو بيننا وتأكيداً لهذا المعنى فقد قال الله سبحانه وتعالى في الآية التي قبل هذه الآية مباشرة ً (وأن تعفوا أقرب للتقوى)، قال المفسرون: ومعنى كون العفو أقرب للتقوى: «أن العفو أقرب إلى صفة التقوى من التمسك بالحق، لأن التمسك بالحق لا ينافي التقوى، لكنه يؤذن بتصلب صاحبه وشدته، والعفو يؤذن بسماحة صاحبه ورحمته، والقلب المطبوع على السماحة والرحمة، أقرب إلى التقوى من القلب الصلب الشديد. كسرة أخيرة وبعد أن فهمنا المعنى الصحيح لهذه الآية الكريمة، نطرح هنا تساؤلاً عن مساحة التعامل بالفضل والعفو والإحسان والتجاوز في التعامل بيننا، وكم نسبة الذين يختارون الطريق الأقرب للتقوى بين المتخاصمين او المختلفين؟، وكم من قضايا الخصومات التي تعج بها ساحات المحاكم ومعظمها ما يتصف بالشدة والحدة التي قد تصل لدرجة العداوات بين أطرافها، رغم أن فيهم من كانوا أزواجاً أو شركاء أو ذوي قربى، فلم يفكر طالب الحق منهم أن يتعامل بالفضل ويتجاوز عن بعض الحق، طمعاً فيما عند الله من أجر، ورغبة ً في دوام المحبة والألفة بين المسلمين. ودمتم متسامحين ومتعافين فيما بينكم [email protected]