11 سبتمبر 2025
تسجيلعادت عين قريش المتربصة في أعقاب فاتحة الغزوات تحذر قومها قائلة “البلايا تحمل المنايا”.بتلك الكلمات، دب الخلاف بين صفوف قريش الداخلية، بدأوا بالتردد فيما بينهم ما بين التقدم والإقبال وما بين العودة والانسحاب بحجة الامتناع عن مقاتلة ارحامهم. لا اكتب هذا لأسرد تفاصيل المعركة، بل لأضع نقاطًا لا خلاف فيها، فاليوم نرى أن العزم والتوكل أمران يظهران على أبدان قومهما، فرغم قلة العدة والعتاد، فإن ارهاب العدو معركة بذاتها، فحينما يخرج الرجل مشيرًا بسبابته، عاقدًا حاجبيه، ومهددًا بعينيه وكلماته وأهله يقتلون ويسفكون بدمائهم فهو والله قد ربح المعركة كلها، فلم يهلك نفسه وجماعته خوفًا وحزنًا ولكنه نصرهم وثبتهم بأن يغلبوا على كل مواطن خوفهم وضعفهم وأن يبعثوا في خصمهم خوفًآ يزعزع صفوفهم فلا يرده أحد من العالمين سوى الله.وقد كان قادات قريش يقتلون فلذات أكبادهم رغمًا عنهم وهم يعلمون علم اليقين قبل الخوض بالمعركة حتى، انها معركة خاسرة لا نصر فيها، ولكن اصرارهم على حفظ مكانتهم لدى أهل مكة والعرب أعمى طريقهم وما زادهم إلا تجبرا وطغيانا، فانتهت المعركة باختراق السيوف أحشاءهم فلا تخرج إلا بانتزاع أرواحهم. بل ويكون ابنه في صف رسول الله شاهدًا على ذاك كله، وهو الذي قد كان معه على مائدة واحدة يومًا يتناول الخبز والشعير، فلم يسمع منه تراجعا أو توددا أو مخافة، بل كان شعار الرسول يتردد ويعلو بلسانه “أحدٌ، أحد” وقلبه يعتصر ألمًا رغمًا عنه.وبين أن يرى الرجل أباه أو أخاه او عمه مكبلًا بقيود المسلمين بأمر من رسول الله، فهي والله كالغصة في قلب أيًا كان، ولكن ورغم هذا كله لم يخرج ذاك الرجل من المؤمنين الذين عاهدوا الرسول بصدقهم على حمل الأمانة والرسالة، ليقول لولا تراجعنا! لما رأينا دماء أهلنا مسفوكة ولا رأينا هيبة أهلنا المرموقة أصبحت مذلولة، ولكننا سمعناها في صف المشركين بين أبوجهل وأمية بن خلف وغيرهما من صغير القوم وكبيرهم، وذاك بعد اصطفاف صفوفهم لخوص المعركة حتى! فيا لائم الثائر لأجل دينه وعرضه ووطنه، ويا جاهلًا بالمقاتل الملازم على أمتار أرضه، لو أبصرت نفسك لرأيت أنك لسان بل قلب المشركين بين صفوفهم.