10 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب العصر

26 يوليو 2024

تقدم ذاك القاتل ليلقي خطابًا استحقر فيه العالم بأكمله، فبين الكلمة والأخرى وقبل ان تستدرك العقول لخطابه بعد، ما تسمع إلا مكاء وتصدية، فترى أنجاس العالم من شاكلته مجتمعين بين قائم ومصفق لزيادة دافعيته. فقد بدأ خطابه يتسول عاطفة كلابه موحيًا لهم بطهارته، فينبح قائلًا:» ان الحرب في غزة يمكن ان تنتهي غدًا إذا استسلمت حماس». فذاك الشنيع مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، وهذا من باب معاملتنا له كبشر، ولكن العالم مليء بأشكاله من المصفقين الدافعين له فالكلاب تنبح والقافلة تسير. لا بأس، فجميعكم اليوم يعلم نجاسته ومن أي طينٍ هي شاكلته، ولكنني ومن تلك الإثني وعشرين دقيقة التي لم يسبق ويستفزني شيء مثلها من قبل، فلم يسعني ان اسمع كامل استخفافه للبشرية، استخرج معكم درسًا مهمًا. ان في خطبته شمولية، تضم الشرق الأوسط كله، فإن نزع من غزة السلاح، فإن ذلك ينطبق على العرب كلهم، وان نزعت منها مشروعية المقاومة، فقد نزعت من العرب والمسلمين اجمع، مع العلم انني لا ارى اي دافعية للقتال والمقاومة لمسلمي هذا العصر، هذا وقد لاحظه الجميع وعلمه الغالبية. أما الأهم، فإن هذا الاحتلال والكيان وهذا الصراع الأزلي قائم من قبل أن تلدني أمي او من قبل وجود والدي حتى، فنعم إنه الواقع المر وصراعنا الأمّر معه أمر واقع لابد منه، فقد يطول أكثر بكثير مع أمة أصبح كل همها كل شيء إلا العزة والنصر والجهاد. ففي النهاية، سيكون هناك حياة في القصاص، ووصية تحفظ الحقوق التي أنهكتها حقوق العالم الكاذبة على مرأى الجميع، سيقف فيها الظالم والمظلوم، وكاتب بينهم كان قد كتب فيما مضى حقوق المظلومين ووثق صمت المتخاذلين من الخونة والمطبعين، ودهاء المجاهدين الأبطال، ولسان المثبطين من جهة والمثبتين من جهة أخرى، كاتب بينهم ينظم الحقوق ويسدد الديون، ديون الدم والثأر، وديون الأمة المستضعفة التي وهنت بسبب حكامها وقادتها.. أتساءل، كيف يعيد الزمان والتاريخ نفسه، بشخصيات مختلفة تحمل نفس الصفات بذات المنطق وبنفس الأفكار، فإن كان فرعون قد طغى وتجبر ثم غرق، فكم فرعون كان قد رأى هذا العالم بين الذين بلغتنا انباؤهم والذين لم يسبق لنا ان نسمع عنهم، فأين هم اليوم؟ كيف عرفناهم؟ ذلك كله لأن الطبيعة البشرية تتطلب توثيقا كهذا، توثيقًا لكل طغاة الأرض، صفاتهم، آلياتهم، وثم نهاياتهم.