13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الأفكار بطبيعتها حيوية تصدر عن عقل خلقه الله فعَّالا متطلعاً أبداً ، والأفكار وما يصحبها من تطبيق وعمل تكون دائما عرضة للتغيير أوالتعديل مع تقدم الزمن عندما تتبدل الظروف وتتغير الملابسات والأحوال وهذا شئ حتمي. فنجد أن العصر الحديث وبما يتسم به من متغيرات متلاحقة يتطلب من أهل الفكر ممارسة قدر كاف من المرونة في نقد الأفكار وعدم الوقوع في مصيدة مكر التاريخ ويُبدون تقوقعا بفكرهم عند نقاط معينة على مساره. يجب مراعاة حيوية التاريخ بتناول موضوعاته وإفرازاته بنفس تلك الحيوية وليس فقط وفق ظاهر آليات العقل. ينبغي دائما ممارسة حالة من الحيوية الجدلية ولو أقل قدر منها لضمان جاهزية الأفكار للمقابلة والتلاقح والنمو. فنلاحظ أن الأفكار والفلسفات الكبرى في العالم التي يبدو أغلبها في ظاهرها مستقرة لفترات طويلة لا يلبث أن يدب فيها التغيير ببطء وسلاسة بداية ثم تزداد وتيرة التغيير عبر النقد والجدل والتحديث. فنلاحظ أن مسار التغيير مثلاً في الفلسفة الغربية منذ عهود اليونان والرومان مرورا بالعصور الوسطى وعصر النهضة وحتى بداية عصر التنوير كان متميزا بانتقال سَلِس ومعقول من التأثير الأسطوري إلى الميتافيزيقي إلى العقلاني إلى المثالي ثم إلى ما انبثق منهم بعد ذلك من فلسفات تجريبية وبراجماتية، أدى كل هذا إلى قناعات فكرية راسخة ووضعت بصمات واضحة على تاريخ الفكر الإنساني. ولكن مع تعاظم وتيرة التغيير بعد ذلك في عصر التنوير المتأخر وبالذات بعد الحربين العالميتين، كان الانتقال إلى مفاهيم عهد الحداثة المتأخرة وما بعدها حاليا يمثل تغييرا جذريا ورغم عدم تمتعه بنفس القناعات الراسخة السابقة إلا أنه كان أكبر أثرا على نواحى الحياة وأوسع اشتمالا للرقع الجغرافية المأهولة في العالم الحديث وذلك نتيجة لتمدد مفاهيم الحداثة في مجالات الأدب والرواية والفن والمعمار ونمط المعيشة واحتضان الإعلام الحديث لها ولتسارع وتيرة التغيير المصاحبة لها في كل شؤون الحياة. وتلك الظاهرة من سمات الحيوية التاريخية لهذا العصر. لذلك يجب على المثقف المسلم أن يعد نفسه ويضع في روعه حتمية التغيير وما يستدعيه من جدل وأن لا يفترض نماذج ثابتة ويركن إلى ما تفرزه من ’عذوبة ثقافية‘ و’سحر بيان‘ ليفيق يوما ويجد نفسه خارج مضمار السباق الحضاري يندب حظه كما يندب القوم حظهم اليوم ويستسلم للأوهام والأحلام والتمني ونفقد دهرا آخر. فنحن الآن على شفا تغيير أعظم وأكثر راديكالية وتنم بوادره عن كثير من عدم الاستقرار وقدر غير يسير من عدم التناسق والعشوائية. فهناك مذاهب فكرية عديدة تحاول تفسير المرحلة القادمة من الحضارة تتباين في جوهرها من التفسير الاقتصادى إلى التفسير البيئي إلى التفسير التقني إلى الحتمية العلمية إلى الحتمية الإثنية حسب قول البعض. كل هذا يستدعي من المفكرين المسلمين الاستعداد على كل مستويات النشاط الذهني والقدرات الفكرية للتعامل مع تلك التغييرات.