12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) (11) شرعت الآيات الكريمة في تعديد بعض قبائح هؤلاء الصنف من المفسدين المتفرعة على ما حكى عنهم من الكفر والنفاق , والفساد في الأرض هيج الحروب والفتن المستتبعة لزوال الاستقامة عن أحوال العباد واختلال أمر المعاش والمعاد والمراد بما نهوا عنه ما يؤدي إلى ذلك من إفشاء أسرار المؤمنين إلى الكفار وإغرائهم عليهم وغير ذلك من فنون الشرور( قالوا إنما نحن مصلحون ) أي ينكرون إنهم يفسدون ويدعون أنه إصلاح بقولهم ( إنما نحن مصلحون ) أي مقصورون على الإصلاح المحض بحيث لا يتعلق به شائبة الإفساد والفساد .( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) (12)ينادى بذلك نداء جليا فإنه رد من جهته تعالى لدعواهم المحكية أبلغ رد وأدله على سخط عظيم حيث سلك فيه مسلك الاستئناف المؤدي إلى زيادة تمكن الحكم في ذهن السامع ( ولكن لا يشعرون ) للإيذان بأن كونهم مفسدين من الأمور المحسوسة لكن لا حس لهم حتى يدركوه , ولولا أن المراد تفصيل جناياتهم وتعديد خبائثهم وهناتهم ثم إظهار فسادها وإبانة بطلانها لما فتح هذا الباب والله أعلم بالصواب . ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) ( 13) .( وإذا قيل لهم ) من قبل المؤمنين بطريق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إتماما للنصح وإكمالا للإرشاد ( آمنوا ) أي افعلوا الإيمان ( كما آمن الناس ) أى آمنوا إيمانا مماثلا لإيمانهم وحققوا إيمانكم كما تحقق إيمانهم , والمراد بالناس الكاملون في الإنسانية العاملون بقضية العقل والمراد به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ومن معه أو من آمن من أهل جلدتهم كابن سلام وأضرابه , والمعنى : آمنوا إيمانا مقرونا بالإخلاص متمحضا عن شوائب النفاق مماثلا لإيمانهم , (قالوا) مقابلين للأمر بالمعروف بالإنكار المنكر واصفين للمراجيح الرزان بضد أوصافهم الحسان و ( أنؤمن كما آمن السفهاء ) مشيرين إلى الناس من الكاملين حسب زعمهم الفاسدوالسفه خفة وسخافة رأى يورثهما قصور العقل و ويقابله الحلم والأناة وإنما نسبوهم إليه مع أنهم في الغاية القاصية من الرشد والرزانة والوقار لكمال انهماك أنفسهم في السفاهة وتماديهم في الغواية وكونهم ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فمن حسب الضلال هدى يسمي الهدى لا محالة ضلالا أو لتحقير شأنهم فإن كثيرا من المؤمنين كانوا فقراء ومنهم مَوَال كصهيب وبلال أو للتجلد وعدم المبالاة بمن آمن منهم على تقدير كون المراد بالناس عبدالله بن سلام وأمثاله , وأياما كان فالذي يقتضيه جزالة التنزيل ويستدعيه فخامة شأنه الجليل أن يكون صدور هذا القول عنهم بمحضر من المؤمنين الناصحين لهم جوابا عن نصيحتهم , قال الإمام الواحدى : أنهم كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين فأخبر الله تعالى نبيه عليه السلام والمؤمنين بذلك عنهم , والحق أن قولهم هذا وإن صدر عنهم بمحضر من الناصحين لا يقتضي كونهم مجاهرين فإنه ضرب من الكفر أنيق وفن في النفاق عريق.وقد رد من الله عليهم أبلغ رد بأنهم هم السفهاء وتجهيل لهم أشنع تجهيل حيث جعلت السفاهة مقصورة عليهم وبالغة إلى حيث لا يدرون أنهم سفهاء والسفه فن من فنون الجهل اللصيقة بهم لأن المؤمنين ثابتون على الحق وهم على الباطل ويظهر التمييز بذلك بين الحق والباطل .