11 سبتمبر 2025
تسجيللا يتدلى الفك وتتسع حدقة العين وسط علامات التعجب بسهولة، فالأمر يتطلب ما يُجبر النفس على ذلك كأن تعيش من اللحظات ما تغيب فيها الكلمات؛ لتصبح الساحة خالية خاوية من كل شيء يمكن أن نستند إليه سوى (ما شاء الله)، وأكرر (ما شاء الله) فهي هذه التي استعنت بها اليوم؛ لأني ومنذ فترة بسيطة جداً، وتحديداً في آخر لقاء جمعني بكم كنت قد أنهيت مقالي بـ (لا تُجهد نفسك بالتفكير في أي شيء سواها أعمالك التي دخلت حيز (الجد) بدخول رمضان ولا تحتاج منك الآن إلا التنفيذ، فالوقت يمضي وما يرحل منه لن يعود، وتأكد أن الثلث الأول من هذا الشهر الفضيل سيطوي صفحته قريباً، فهل أنت مستعد لذلك؟) حقيقة فإن ما ذكرته قد حدث فعلاً، وأصبح دخول الثلث الثاني وشيكاً، وما يفصلنا عنه ليس سواه ذاك القليل، الذي سيقبل بعد ساعات ما أن تكون حتى نكون قد طوينا (الصفحة السابقة)، التي شهدت على أعمال كثيرة أقدمنا عليها، وسنظل نُقدم عليها حتى آخر لحظة؛ لأنه الهدف الذي نعيش به ومن أجله، ويتعرض لتغييرات كثيرة لعل أهمها ما يكون في رمضان، الذي يتغير الوضع فيه بفضل ما يحمله بين طياته من بركة عظيمة تُضاعف أجر كل ما نتقدم به من أعمال حتى وإن كانت بسيطة، وهو ما لا يهم متى كانت (صالحة) الأصل فيها النية الخالصة لوجه الله تعالى. لقد قررت أن تكون سلسلة مقالات (رمضان وحكاية المسارات) عن المسارات التي تشغلنا في هذا الشهر الفضيل، الذي أجده كنقطة نتجدد فيها ومن ثم ننطلق نحو ما نريده، وما حدث أن هذا الهدف قد أحدث تفاعلاً راقياً بيني وبين القراء، الذين وجدت منهم من قد حرص على تحديد مساره بعد قراءة المقال، ليس لغفلته عن أهمية فعل ذلك من قبل، ولكن لاعتماده على فعله والإقدام عليه بعفوية تامة تؤدي نفس الغرض، غير أن تحديد المسار منذ البداية قد تفوق عليه بدرجة؛ وذلك لأنه يساعد على وضع الخطط القادرة على تحسين إنتاجه؛ كي يرتقي به أكثر. إن ما نتحدث عنه هو العمل الذي نُقدم عليه من خلال المسار الذي نختاره ومن ثم نسلكه، وهو ما سنختلف عليه؛ لأننا ومتى اتفقنا على ما نريد فلاشك أن النتيجة ستكون ذاتها، كما أن المصير الذي سيلحق بنا هو ذاته لا جديد فيه، وسبحان الله ولحكمة يدركها العليم الخبير نختلف، وتختلف تلك المسارات التي شهدت منها الكثير من خلال ما قد وصلني من القراء، والحق أن ما يستحق تسليط الضوء عليه هو ما وردني من تلك الزمرة، التي اتفقت على الفوز بالجنة، فالدنيا بالنسبة لها ما هي إلا ذاك (المسار) الذي تسلكه؛ كي تبلغ مُرادها من خلال أعمال ذات قيمة عالية تعيش من خلالها بقدر ما تساعد الآخرين على العيش من خلالها أيضاً، وبصراحة أجد أن تلك الزمرة التي تُقبل على ذلك؛ بحثاً عن الأجر والثواب تبتكر الكثير من الأعمال التي ترجو من خلالها بث المساعدة وسط المحيط الذي يحتويها، ولكم هي جميلة تلك المساعدات متى بُثت وساهمت بنشر ثقافة الأمل في المجتمع، الذي يحتاج بين الحين والآخر إلى لفتات إنسانية لا تصدر إلا ممن ينتمي لتلك الزمرة، التي تدرك الخير وتدرك أهميته بالنسبة لها وللجميع؛ لذا تحرص على بثه دون أي تأخير أو تقصير، والحمدلله على وجودها. هناك زمرة أخرى تُسرف كثيراً وتنصرف بعيداً عن جوهر هذا الشهر الفضيل؛ لتنساق ومن بعد خلف الكثير من الأمور التي تُجبرها على سلك مسارات أخرى لا خير فيها بتاتاً؛ لأن الخير مع الزمرة الأولى وحسب، التي وإن وافقت أهدافك أهدافها فلاشك أن الخير سيكون من نصيبك حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد. وأخيراً لا تنشغل إلا بما يمكن أن يعود عليك بمنفعة تمسح على قلبك وتسمح له بأن يعيش سعيداً تحت أي ظرف من الظروف؛ لأنه ما يستحق منك (فعلاً) كل ما يمكن بأن تتقدم به، وحتى تفعل تذكر التالي: لا تبخل على نفسك بأي شيء يمكن بأن يُضيف إلى حصيلتك ما يُحسب لك، ولا تستخف بأي أمر تود القيام به وإن كان بسيطاً؛ لأنك لا تعرف قيمته، التي ومن الممكن أن ترفعك درجات ستسعد بها، وحتى يكون لك ذلك، فكر بكل ما مضى منك؛ كي تأخذ أفضل ما فيه وتعتمده في حياتك وما تبقى لك منها.