13 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس كان الإعلام يتمثل في نهجه ورموزه الاجتماعية والثقافية التقليدية وكذلك بمحاور طرحه وقراءته وتناوله الخاص للأحداث والهموم والتطلعات في المجتمع من خلال نخبة من الإعلاميين والمفكرين والمثقفين، تتفاوت الجودة النوعية والمهنية من منظومة إعلامية إلى أخرى، بينما تتفق ـ وفي الغالب ـ على عرف المرجعية المهنية والإطار العام للطرح.واليوم يتعايش المجتمع العربي بجميع شرائحه ونخبه ومفكريه مع واقع ونسق إعلامي متسارع ومتنوع في طرحه ونقاشه وكذلك في تفاعله مع المعلومة أو الفكرة أو الصورة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية مشاركة وتفاعل أكثر من إعلامي أو كاتب في نفس توقيت الحدث أو الحوار، فقد سمحت التقنيات الإعلامية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي بتوافر وتهيئة مناخ مهني إعلامي أو "شبه إعلامي" لم يتمكن بعض رواد المدارس الإعلامية التقليدية مواكبتها أو حتى استيعابها في بعض الأحيان، كما أن هامش ونوعية الطرح والحوار تتفاوت وتتباين عن القراءة التقليدية في الأفق والموضوعية، وسمح بتوافر شريحة إعلامية جديدة من الجيل الشاب أو "المخضرم" في محيط الإعلام العربي.ولا يخفي بعض المتابعين والمختصين في توجه الإعلام والثقافة مخاوفهم على مستقبل الإعلام العربي، فمنهم من يقول: (هل نحن أمام صناعة تاريخ إعلامي عربي جديد؟) أما لسان حال البعض الآخر فيردد: (كيف يمكن لتداعيات وتأثير هذا الإعلام بثوبه الجديد أن تسهم إيجابا أو سلبا على مستقبل التطور والنهضة والاستقرار في المنطقة العربية؟).يصعب التكهن أو التحليل لنوعية وجودة المخرجات الإعلامية المتوقعة، حيث إن متابعة وتقييم جميع ما يتم طرحه أو تناوله في هذه المنظومات أو الشبكات الإعلامية الخاصة يشكل تحديا لا يمكن تجاهله في عالم الواقع والمنطق الإعلامي الراهن، كما أن المجازفة بتقبل أو نقل جميع الأطروحات الفكرية أو التربوية هو أمر غير مقبول في حالة عدم تناغمه أو تعارضه مع الصالح العام والذوق العام للفرد والمجتمع في عالمنا العربي.ويمكن لصناعة القرار الإعلامي في المنطقة العربيه أن تجمع ما بين التقنين والتوظيف المطلوب لهذه المدخلات التقنية، النوعية والمخرجات الحديثة في عالم المعرفة والفكر والثقافة والإنتاجية مع تلمس الحلول الاستراتيجية العملية المواكبة والمتناغمة مع هذا التسارع الإعلامي بثوبه الجديد، وذلك من خلال الأخذ بعين "الواقع" قبل الاعتبار المعطيات والمحاور التالية: العمل على توعية وتثقيف "شريحة الشباب العربي" من خلال نشر مفهوم وثقافة الإعلام العربي المتزامن مع نهج التشريع الإسلامي في الحوار، السلوك الحضاري الإسلامي، المصداقية والإنتاجية، تفعيل وتدشين برامج تدريبية إعلامية من خلال "دورات تدريبة، ورش عمل" تستهدف المراحل الدراسية المتوسطة والثانوية والمعاهد والجامعات، بحيث يتم استخدام وتناول شبكات التواصل الاجتماعي أيضا لتنمية وتهيئة وتوظيف قدرات الشباب على التعاطي مع مصادر المعلومات المتنوعة والتخاطب بروح وفكر الشاب العربي المسلم، العمل على إدراج مادة تثقيفية ـ حصة دراسية أسبوعية ـ لطلاب المدارس والجامعات تحت مسمى "الإعلام" كما هو الحال في بعض التوجهات التربوية والتعليمية التي تم إضافتها مؤخرا إلى المواد والعلوم التقليدية، تشجيع وتقدير أو دعم للكفاءات الوطنية العربية الشابة التي تعكس في طرحها وحوارها الإعلامي الالتزام المهني والوطني والأخلاقي وخدمة الصالح العام في المحافل العربية والدولية، الأخذ بعين الاعتبار أهمية التهيئة والتشجيع في التناول والطرح الإعلامي المعاصر من خلال استخدام مفردات ومصطلحات "اللغة العربية" في جميع المنابر الإعلامية الحديثة، فاللغة العربية تراث وحضارة تعكس تميز ومنافسة وشخصية المجتمع العربي الإسلامي.إعداد /د. سليمان بن عبدالعزيز المشعلباحث ومختص في الدراسات الاستراتيجية البيئية والصحية البيئية