24 سبتمبر 2025

تسجيل

الأثر الطيب

14 يونيو 2012

في مبادرة تحسب لها قدمت مدرسة الوكرة الثانوية للبنين احتفالية مؤثرة كافأت فيها الفائزين في مسابقة الأثر الطيب، واستطاعت أن تجمع أطراف العمل التربوي ، كما نجحت في تقديم الحفل للرأي العام من حيث دعوة الشخصيات العامة والتربوية ووسائل الإعلام، لتسليط بقعة الضوء على المعلم؛ الأب الباقي بحسب الإسكندر المقدوني الذي فضله على أبيه الفاني أو " البيولوجي "، رداً على من سأله عمّن أثّر فيه معلمه ( أرسطو ) أم أبوه؟ ولم أدرِ ..أكان عليّ أن أتذكر معلمِيّ الذين يخطرون على البال صوراً متناثرة تعلمت منهم حب الحياة والأدب واللغة والمعرفة ؟ أم أتذكر طلابي الذين حاولت ما استطعت غرس محبة اللغة العربية في أرواحهم؟ وتذكرت الطالب ذا التهذيب الجمّ يوسف أحمد شير، القادم من معهد الإعداد الديني إلى مدرسة عبد الرحمن بن جاسم الإعدادية قبل بضع سنوات، شاب صامت لا يتكلم، ولا يكاد يشارك في درس، يتقن القراءة الطليقة بتعبير جميل، ولغة سليمة، وأذكر مرّة أنه شارك في درس التعبير الشفهي ( التحدّث) وقرأ نصاً قصيراً، ملأني وزملاءه عجباً ودهشة، فأثنيت عليه بعبارات ٍ لم أعد أتذكرها، بل حدثت زملائي عن الجمل الأدبية التي نطقها . ولم يخطر في بالي أن ذاك الفتى الصغير الذي غدا شاباً ملتحياً سيذكر أن ذاك الإطراء أو غيره قد أحدث فيه كلّ هذا الأثر. وفي تلك التظاهرة المبهجة نسي المرء لساعات أخبار الموت والدمار والحرائق المشتعلة، وأعادت له الشموع المضيئة (بحسب منظمي الفعّالية) أعادت الأمل أن ثمة غراساً خضراً طرية ستثمر علماً ومحبة وخيراً وجمالاً، أطفال في عمر الورد خرجوا إلى منصة العرض، وتكلموا بثبات وثقة وفصاحة عن أثر معلّميهم الطيب، والذي جعلهم يتقدّمون في دراستهم، ويتقنون من مهاراتهم، وينمّون مواهبهم، ولعلّ الفقرة المدهشة التي أثّرت في الجميع فقرة المتسابقين من ذوي الاحتياجات الخاصة التي عرّفتنا بمواهب وقدرات إخوانٍ وأبناء لنا، لم تمنعهم الإعاقة من الغرف من معين السعادة وهم يعيشون حياتهم بكلّ أمل، فيعملون ويبدعون ويجترحون أساليب مختلفة، لتلوين الحياة بألوان الفرح والتفاؤل. مما يؤكد الأثر الفعّال الذي أحدثته البيئة المحيطة من معلمين مخلصين يعملون بحبّ. ولعلّ قصة الطفل غانم تصلح أن تكون مثالاً، فغانم ذو السنوات العشر لم يستلم للإعاقة، وكانت السيدة والدته مثالاً للشجاعة والإرادة الصلبة، فقد قررت أن تتحدى به الإعاقة، واستطاعت أن توقظ فيه روح الإرادة والتحدي. وفي معرضه الصغير على هامش التظاهرة قرأنا قصة غانم (الرابح) بكلّ حب، وتعرفنا ملامح من الأثر الطيب الذي أحدثه اهتمام الأهل والمدرسة. ولئن كان اقتراح فضيلة الشيخ أحمد بو العينين في أن تسمّى قاعات الصفوف المدرسية بأسماء المعلمين الذين أحدثوا أثراً طيباً في الأجيال المتلاحقة جديراً بالتنفيذ، فإني أناشد وزارة التربية والمجلس الأعلى للتعليم أن يشدّا على يد أصحاب الفكرة، وأن يجعلاها مناسبةً تربويةً رسميةً، تُتحذ من أجلها القرارات اللازمة.