15 سبتمبر 2025

تسجيل

نحن بشر وبشر فقط

14 يونيو 2011

تشيخ الجدران، تسقط الصور، تنكسر الحقائق، ينهار كل شيء فجأة فتتعرى الحكايات المصطنعة، موقف صغير، يهز ثباتك، ويلغي تحصناتك، ويثبت لك حقيقة كذبة بياضك، وسخافة نياتك، موقف تافه يستطيع إهلاك أحلامك وتدمير آمالك، وربما تدميرك. المدينة الفاضلة التي يؤمن بوجودها أفلاطون ليست إلا كذبة حاول إيهامنا بها، وها هو قد مات دون أن يعيشها أو يراها أو حتى أن يلمسها ولو لمرة واحدة في حياته!. هذا الرجل الحالم كان يرى أن لكل شخص نسخة معدلة، تمتلك من الفضائل ما لا يملكه أحد من البشر، صوّر أفلاطون الناس بصفات أقرب لصفات الملائكة، وما أعرفه أنا أن الملائكة لا تسكن الأرض! البشر وحدهم من يعيشون عليها! فهل يتحول البشر إلى ملائكة؟! وهل تشبه الأرض السماء؟!، لا أستطيع خداع نفسي أيضاً بهذا الوهم ولو أحببت ذلك أو حلمت به! أو أردته! أؤمن بأن الوجوه ملونة والقلوب مختلفة، والعقول متفاوتة، والنوايا مخبأة، أؤمن بأن الصعود للسماء لا يشبه الهبوط إلى الأرض! أؤمن بأن الحلم لا يخرج من حالة السبات! والحذر لا يغادر حالات (الاستعقال). لطالما اعتبرت هذه المدينة الفاضلة من صنع خيال فيلسوف مغمور مسته الكآبة في زمن أغبر، خاوٍ من أي ترفيه ينسيه واقعه!، لذا لم أشغل نفسي كثيراً في التبرير له ولا لأي مخلوق أخطاءه ولأي قانون عقمه! ولأي وجه تجعيداته! ولكني ولا أعرف لماذا! انعكفت على فك العقد التي تعرقل تعايشي مع الواقع! حتى أصبحت محللة بارعة ولو كنت فاشلة جداً في إثبات صوابها من خطئها!، وإقناع الآخرين بأي شيء عنها! لأنهم مؤمنون بما يحلو لهم! وأجزم أن هناك منكم مثلي! البعض يخدعك ويخون ثقتك ويصدق أنه ضحيتك! والبعض يكذبك ويسلبك أسلحتك! والبعض الآخر يستغبيك لدرجة أن تمقت نفسك ذات يوم عاصف وكريه! وأنت كما أنت تصدق حتى اتهاماتهم لك! وعوضاً عن أن تكون الضحية تصبح أنت الجاني. نعم البعض منا سلبي بتفوق وعفوي مزمن، تصطاده الشباك بسهولة والصدور التي تضرب ألوان الكذب على أضلعها وهي تؤكد لك مقسمة بأنواع الايمان أنها في محل ثقتك! فتصدقها وتقع في فخهم حتى تكسر رقبتك وينحني قلبك وجعاً! وتنعزل في دوامة الخوف والحذر وتلعن في سرك أفلاطون ألف مرة! وغباءك عمرك كله! قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. الزمن مخيف فلا تعرف إلى من تأمن ومن تصدق وإلى من تلجأ، الجميع يتشحون بمواصفات وفضائل مثالية! يلبسون البياض ويضعون ذات الأقنعة ولكن بألوان مختلفة وأشكال متنوعة! وتبقى أنت أيها (الإنسان) الطيب الذي تؤمن بعدم كمالك ونقصانك البشري أنهم ملائكيون وكاملون ما عداك.. يا ااال هذا التناقض القاتل (المُكئب).