09 سبتمبر 2025

تسجيل

سُرّ من رآك!

14 مايو 2024

لعله من عزم الأمور أن تتخذ قرارك بالإشراق، وتُجدد نيتك بالإزهار كل يوم! وعساه من الاصطبار الحق أن يقف المرء مجاهداً دون ترديه في متاهات ظلمات الشعور، والاستغراق في دركات التيه بعيداً عن طمأنينة القلب، وسكون الفؤاد. فما الازدهار إلا اعتزام، وما السطوع إلا اختيار! وما أجلّ أن تكون -رغم الخطوب- متفتحاً، وضيئاً بالألوان التي تبهج بها قلبك، وتُجلي بها حزنك، وتنير بها عتمتك، وتُزهي حقول الحياة منحولك، لا يمر بك بائس إلا انفرجت أساريره بهجة وسروراً، ولا يدركك قانط إلا أشرقت روحه إيماناً ويقيناً. وما أبهى أن تتلمس لطف الله فيك دوماً، وتستشعر معيته فلا حزن يدوم عليك ولا كدر، قد قرت عينك، واطمأن فؤادك، وسلمت أمرك مفوضاً إياه لصاحبه سبحانه، فلا يلبث أن تنثر عبق عدوى شعورك في الأجواء، فلا يراك تعِس إلا انطلقت ابتسامته الجذلى فرحة وحبوراً، ولا يقابلك قانط إلا استرجع الأمل، وتفتحت بواطنه، واستردت أساريره انفراجتها، وانفكت عقد اليأس والقنوط، مسترجعاً برؤيتك يقيناً قد هُجر، وتسليماً قد طال الأمد عن لقياه، واستبشاراً كان الوصل به ضرب من ضروب المستحيل!. سُر من رأى انتعاش روحك، وسماحة خصالك، وطيب طويتك، وقوة يقينك بمدبر الأمور، وصلابة ثقتك في رحماته المتوالية. وليس المعنى من ذلك أن تميل إلى تخدير الشعور، أو إنكار ما تمر به من أوجاع، أو أن تستحث في دواخلك طول الأمل، ورفض ما تجابهه من تحديات الحياة، ولكن المقصد أن يكون لك ديدن لا يحيد بالعودة دائماً لمركزيتك الأثيرة مع الرحمن الرحيم، مدبر الأمور، وأن تكون متيقناً أنه لا خوف عليك ولا حزن، وأن لكل ضائقة مخرجا، وأن طبيعة الحياة بجمال رحلتها هبوطاً وارتفاعاً، فلا تيأس وإن لم تجد في مد بصرك كوة نور ترشدك، لأن نورك الحق مشرق متلألئ بين جنبيك، وقلبك راسخ مطمئن مهما حلت عليه الصعاب، ثقةً بالله وحق استعانة برحماته، وطمعاً في فضل كرمه وفيض عطاءاته. * لحظة إدراك: ما ظاهر المرء إلا مرآة باطنه، وليس يفيض إناء إلا بما فيه، لذا فما عنايتك بقلبك، وتمسكك بحبل الله المتين، إلا مما يستأهل أن توطن نفسك عليه، لأنه أمر مستحق البذل وجدير به الجَلد، وكما قيل: (خير الأمور عوازمها). وما مآل ذلك كله إلا خير تجنيه في ذاتك، وضوع عبير تنثر به السماحة والسرور على من حولك، تتبارك أرواحهم به طمأنينة وسلاماً.