13 سبتمبر 2025
تسجيلثلاثة أحداث مهمة تفرض نفسها بقوة على المشهد الإقليمي وعلى القمة العربية. استمرار تصعيد وحروب إسرائيل، وحرب السودان بلا أفق وإعادة تأهيل نظام الأسد. ما يؤكد مأزق النظام العربي وتفوق المشاريع الإقليمية وخاصة إسرائيل بحروبها واستفرادها بغزة والقدس والضفة الغربية، لكنها تبقى منبوذة ككيان برغم تطبيع 6 دول عربية، برغم خمس عشرة عملية عسكرية وحروب على غزة ضد المقاومة الفلسطينية منذ انسحابها العسكري من غزة عام 2005، تخوض حروبا شبه سنوية تستفرد بها ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي. تستضيف مدينة جدة السعودية القمة العربية العادية 32 في 19 مايو لتكرس محورية دور ومكانة السعودية البارزة. تناقش القمة ملفات معقدة، أبرزها حرب إسرائيل السادسة وعدوانها على غزة منذ 2008. وحرب الجنرالات-العسكر في السودان في أسبوعها الرابع، وبرغم اتفاق الإطار بين وفدي القوات المسلحة السودانية وقوات التدخل السريع بقيادة حميدتي لتحييد المدنيين!، دون التوصل لاتفاق نهائي لوقف القتال! وهناك من قد يسرق الأضواء ويغطي على أزمات العرب بإعادة النظام السوري، ودعوة رأس النظام، لكن هل سيحضر؟ بعد 12 عاماً من تعليق عضوية سوريا في الجامعة؟ في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية خوض حرب يعني فشل الردع وإجبار خصمك على تحقيق مصالحك على حساب مصالحه. يذهب صن تزو المفكر الإستراتيجي الصيني قبل 2500 عام الانتصار الحقيقي هو تحقيق أهدافك دون خوض حرب! بل ردع خصمك حتى لا يهدد أمنك ومصالحك. لذلك خوض إسرائيل حربا غير متناظرة ضد تنظيمات عسكرية مسلحة يقزم مكانتها وثقلها، كحرب أمريكا على طالبان والقاعدة في أفغانستان واليمن والصومال وداعش في العراق وسوريا، دون انتصار! كما تتهاوى سمعة إسرائيل عالمياً بارتكابها جرائم إرهاب دولة. ليقاتل ويرتكب الجيش الأقوى في المنطقة والمحتكر للسلاح النووي جرائم حرب ضد المدنيين في القدس وغزة والضفة، وردع إيران من امتلاك السلاح النووي. ليقاتل فصائل مسلحة بعد خمسة وسبعين عاماً من الاحتلال والنكبة ليهرع شعبه للاختباء في الملاجئ ويركضون بهلع في الشوارع مع انطلاق الصواريخ من غزة ودوي صفارات الإنذار! لشعب ونظام لا يتحمل إطالة أمد الحرب التي تستنزفهم. فيلجأ الاحتلال لقصف المنازل وقتل المدنيين والعقاب الجماعي بإغلاق المعابر ومنع خروج الحالات الطارئة للعلاج وغيرها، ودخول إمدادات الغذاء والدواء والمحروقات لتوليد الكهرباء! رسخ الاستفراد الإسرائيلي بعدوانه المتكرر في الداخل الفلسطيني، وفي الخارج بالتطبيع الفردي مع دول عربية، ضعف النظام العربي. ما يجرئ إسرائيل على التمادي في غيها، مدعوماً بالانحياز الغربي، وتبرير عدوانها. لكن إسرائيل صُدمت بفرملة التطبيع مع تصاعد عدوانها وإحراجها للمطبعين العرب ومن سيطبع! برغم خرق ومخالفة المطبعين، الإجماع العربي لقمة بيروت العربية عام 2002 "المبادرة السعودية- العربية بمقايضة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة مقابل التطبيع العربي الكامل". وليس الفردي- لتخرقه دول عربية- ما يكرس حالة هشاشة وضعف النظام العربي. ما يشجع إسرائيل على الاستمرار بنهج الاعتداءات وحروبها المتكررة. نشهد تداعيات الحرب السادسة على غزة في الأيام الماضية، بلا رادع لجرائمها وعدوانها، وبلا حل ينهي مسلسل العدوان. بل تهدئة، سرعان ما تنهار ليتكرر المشهد الدموي كل صيف منذ معركة الفرقان عام 2014، ومعركة سيف القدس مايو 2021، وحجارة سجيل ومعركة "وحدة الساحات" أغسطس 2022. وآخرها حرب "السهم الواقي" إسرائيليا ومعركة "ثأر الأحرار" عملية سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي المستمرة، وإطلاق أكثر من 800 صاروخ! فيما قصفت إسرائيل 250 هدفاً للجهاد الإسلامي! في تراجع لكفاءة القبة الحديدية. لم تنجح حروب إسرائيل وحصارها المتكرر وعقابها الجماعي غير العابئة بموقف ورد فعل الأنظمة العربية المتابعة بإحراج كلفة الاستفراد الصهيوني في القدس والضفة الغربية وعلى غزة بقيادة حكومة الاحتلال الأكثر تطرفاً وصهيونية وفاشية بتاريخ الاحتلال الإسرائيلي. والمفارقة أن ذلك يحدث في الذكرى الخامسة والسبعين للاحتلال الصهيوني "النكبة"، عربياً عام 1948، وتسميها إسرائيل بفخر حرب الاستقلال! من كان المحتل؟! عمّق غزو واحتلال صدام حسين لدولة الكويت قبل 33 عاماً، والأزمة الخليجية عام 2017، هشاشة وضعف النظام العربي. ما كرس غياب مشروع عربي يفرض توازن قوى ويتصدى للمشاريع الإقليمية والدولية، ويكبد من يعتدي على الدول والنظام العربي أثمانا. ويعاقب الأنظمة المنقلبة ويمنع تأهيلها ويعلق عضويتها كما في الاتحاد الأفريقي! وليس كما يفعل بعض العرب بإعادة النظام السوري لحضن جامعة الدول العربية، برغم خوائها وفراغها وفشلها في حل أي أزمة عربية! وآخرها وقف حرب السودان. وأهمها وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي واحتلال العراق لدولة الكويت وإنقاذ الشعب السوري من براثن نظامه الذي استخدم الكيماوي والبراميل المتفجرة والمجازر المتنقلة وطرد نصف شعبه وحولهم لنازحين ولاجئين! يشكّل موافقة أغلب العرب على عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية برغم غياب الإجماع العربي وتحفظ دول عربية وعلى رأسها دولة قطر التي بقيت متمسكة بموقفها الأخلاقي والسياسي ومعها دولة الكويت، سقطة كبيرة لمكانة النظام العربي الذي يعفو ويعيد تأهيل الطغاة ومرتكبي جرائم حرب ضد شعوبهم. ومع ذلك يتم تأهيل نظامه ببدعة خطوة مقابل خطوة. وقدم العرب الخطوة الأولى بدعوة الأسد للمشاركة في القمة العربية في جدة في 19 الجاري! دون أن يبادر النظام، تخرق سيادته إسرائيل وأمريكا وتركيا وروسيا، بتقديم والالتزام بقبول آلية عمل يلتزم بمقررات جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254 والفترة الانتقالية بتواريخ محدده! ما هي الرسالة التي يوجهها النظام العربي للأنظمة والحكومات التي تمارس تجاوزات ولا تخضع لعزل وتفلت من العقاب، ويتم تأهيلها. ويبقى السؤال كيف لقمة عربية تختصر بساعات مناقشة وإيجاد حلول للأزمات العربية الشائكة التي تزداد عمقاً وتبقى بلا حل، وتعمق انسداد الأفق وتضعف النظام العربي المتصدع أصلاً؟!