19 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة موجة الديمقراطية!

14 مايو 2014

يشير صموئيل هنتنغتون الى أن العالم شهد عدة موجات من "الدمقرطة". الموجة الأولى برزت في أوروبا خلال القرن الـ19، الموجة ثانية تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وشملت ألمانيا وإيطاليا واليابان، ثم الموجة الثالثة واجتاحت البلدان الأوروبية المتوسطية خلال السبعينيات أي اليونان، والبرتغال وإسبانيا ، ولا يزال اختلاف على تحديد الموجة رابعة والتي يربطها البعض تتمثل في استقلال جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة. في حالة مشابهة لما يعيشه العالم العربي اليوم من أزمات وعلل سياسية ومعوقات في طريق التحول نحو ديمقراطية حقيقة وتخبط في مضي المسار وحركة التغير يرجعنا هنتنغتون الى التاريخ ويذكرنا أن الدول التي بدأت التحول في هذه الفترة كانت ترضخ تحت ثلاثة أنواع رئيسية من النظم غير الديمقراطية، وهي نظم الحزب الواحد، نظم الديكتاتورية الفردية والنظم العسكرية، ويذكر أن هناك العديد من الدول في هذه الموجة من التحول لم تكن تحت أي من هذه التصنيفات الثلاثة ولكن نظمها كانت بالأساس خليطا بين هذه النظم ولم تكن تمثل نوعا واحدا منها وهو أشبه بالوضع العربي السلطوي المتصدع في كل دولة عربية. ويشير إلى أن عملية التحول تكون أسهل في حالة نظم الديكتاتورية الفردية عنها في حالتي النظم العسكرية ونظم الحزب الواحد، نظرا لغياب العامل المؤسسي في الأول ووجوده في النظامين الأخيرين، ونتيجة لتغلغل النظام السابق في كيانات ومؤسسات الدولة، مما يصعب التخلص منها حتى بعد سقوط النظام أو تغييره وهو الوضع الأبرز في سوريا، ويعتقد هنتنغتون أن عملية التحول الديمقراطي تبدأ عندما يقوم التيار الإصلاحي والديمقراطي بالظهور والمناداة بالديمقراطية وهو الذي لا يزال غائبا أو مشتتا في عالم العربان، و قد يفشل هذا التيار في البداية، إلا أن التوجهات الديمقراطية التي يحملها تعمل على إحداث نوع من الحراك داخل المجتمع قد ينتهي بحدوث عملية تحول ديمقراطي، سواء عن طريق استجابة النظام الحاكم للمطالب المرفوعة أو عن طريق انهيار هذا النظام أو اتفاقه مع المعارضة الديمقراطية في تشكيل مرحلة جديدة من التحول.لكن هنتنغتون يخبرنا أيضا بأن العقبات الكبرى التي تحول دون التحول الديمقراطي في الصين عام 1990 على سبيل المثال كانت سياسية واقتصادية، وثقافية. أما في أفريقيا، فقد كان العائق الاقتصادي هو الأبرز. أما في البلدان النامية في شرق آسيا، وفي كثير من البلدان العربية و الإسلامية، فكانت العوائق ثقافية في المقام الأول ويبدو أنها ما زالت هي العامل الأكبر في الوقوف كحجر عثرة في الدخول في موجة التغيير الديمقراطية في العالم العربي؟!