17 سبتمبر 2025

تسجيل

المسؤول الأول عن الإبداع

14 مايو 2013

(الإبداع مسؤولية الجميع حتى وإن تفاوتت الدرجات والرتب، مما يعني أنه يتوجب علينا جميعاً أن نفتح الأبواب أمام كل مبدع؛ كي يستمر برحلته، دون أن نمنعه عن فعل ذلك كأقل واجب نقوم به وإن لم نرغب بالقيام بأي شيء) إن هذه الكلمات التي بدأت بها كلماتي لهذا الأسبوع هي ذاتها تلك التي ختمت بها كلماتي بآخر لقاء جمعني بكم، ولقد فعلت ذلك بتحريض من الوعد الذي وعدت به حينها، وهو أن نتابع ما قد بدأناه من حديث عن الإبداع، وإن كان متمثلاً حينها بإبداع الشاعرة القطرية مي الحبابي، التي شاركت كمُحكمة بمسابقة (سيف القصيد)، في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، فحلقت من الدوحة على أجنحة آمالها الكبيرة وطموحاتها الأكبر، التي وصلت بها إلى هناك حيث المكان الذي فازت بالتواجد فيه وعن جدارة، وهو ما جاء كنتيجة حتمية لكل الجهود التي بذلتها وسعت بها نحو مسار التفوق والنجاح والتألق، الذي يحلم به كل مُجد ومجتهد في حياته، حدد هدفه فيها، وغايته منها، ورسم لنفسه الخطة التي ستُمكنه من الفوز بمراده، وإن كانت العقبات تحيط بما يريده من كل جانب، فهو هذا ما يميزه كمُجد لابد له وأن يتفوق وفي النهاية، التي لا يستطيع غيره بلوغها، ولكنه فعل لأنه يتمسك بالمحاولات وإن صفعه الفشل كل مرة، الذي لا يعني بلوغه نهاية المطاف، بل بداية ستُقربك من كل ما تريده إن قاومت الصعوبات، وتابعت بقلب مثابر سيأخذك حيث تريد بإذن الله تعالى، كما كان الوضع مع مي الحبابي وغيرها ممن يختلفون بما يحلمون به، ويتفقون على حقيقة أن النجاح هو مرادهم الأساسي، الذي يسبق كل شيء. إن الحديث عن الإبداع غاية كل من يسعى إلى إصلاح المجتمع بمن فيه؛ لأن شرط النجاح وبجدارة هو العمل ضمن بيئة مُشجعة ومحفزة على الإبداع الحقيقي، الذي يصقل رغبة العطاء، ويحثنا على بذل كل ما بوسعنا وإن لازمتنا العقبات والعراقيل مع كل خطوة نقوم بها، ولأن الأمر كذلك فإن محافظتنا على تسليط الضوء على هذا الموضوع واجب تفرضه علينا تلك الأسباب السابق ذكرها؛ لنبث قيمة الإبداع بقلب كل من ذبل قلبه، وعجز عن تقديم أي عمل يليق به، ويعبر عنه وعن كل ما يرغب بأن يكشفه للعالم عنه، وهو ما يؤكد على أن الإبداع من حق الجميع، وأنه لا يقترن بصفة رسمية بأي فرد، ما لم يحاول هذا الأخير الاقتران به ومن أمام الجميع، ببذل كل ما يمتلكه من جهود صادقة لن يحجبها أي شيء حتى وإن طال الأمر قبل أن يتحقق ذلك، وهو ما يعني أن كل ما يتطلبه الإبداع هو التركيز والتفكير وبشكل جدي بكل الخطوات التي تسبق النجاح وبإبداع، وهو ما يُعد الخيار الشخصي الذي لن يُفرض عليك، فإما أن تُبدع وإما أن تبتعد عن هذا العالم، وتتركه لمن يُحسن ذلك. حين نتحدث عن الإبداع فنحن لا نُشير إلى فرد دون الآخر، ولكننا نتحدث عن حالة وظفت كافة جهودها؛ كي تبدع، وقطعت أشواطاً هائلة قبل أن تصل إلى ما وصل إليه غيرها، وسيصل إليه أيضاً غيرها ممن سيعتمدون المسار الذي سلكته، وهو ما يثبت لنا أن كل المحاولات التي جاهدوا بها كل رغباتهم الشخصية، وتجاهلوا بها كل تلك الحاجات التي لا تمت لأحلامهم بصلة، قد نجحت فحصدوا ثمارها التي عوضتهم عن الحرمان الذي عانوا منه لفترة من الزمن، وعليه فهو مسارك الذي يجدر بك سلكه؛ كي تحقق ما تريده وبكثير من الإبداع لابد وأن تحلم به، وتلتزم به دون أن تقبل بالقليل أبداً، فهو هذا الأخير ما سيجعلك حيث أنت دون أي إنجاز يُذكر أو يُحسب لك في المستقبل؛ لأنك وبكل بساطة لم تفعل أي شيء في الماضي يوفر لك هذا المستقبل المُشرف بكل ما يزخر به من إبداع كنت لتُعرف به إن عرفته من الأصل، وهو ما يعني أن الجزء الأهم من الإبداع يبدأ منك وحدك، ويشحنه لك فيما بعد المحيط الذي يحيط بك، الذي لن يسري مفعوله أو يتمكن منك ما لم تبدأ أنت بالدفعة الأولى، التي تستحق منك المحاولة؛ لذا فلتبدأ من الآن؛ كي تصل قبل فوات الأوان. وماذا بعد؟ لقد تحدثنا المرة الماضية عن الإبداع، فتوجه الحديث وبشكل عام إلى كل من يستطيع فتح المجال أمام كل مبدع؛ كي يسمح له بالمضي قدماً نحوه إبداعه، دون أن يقف إلى جانب تلك العقبات التي تمنعه من خوض عالم الإبداع، وهذه المرة توجه الحديث إلى المبدع نفسه بحكم أنه المسؤول الأول عن إبداعه، ويجدر به فهم هذه المسؤولية التي تقع على عاتقه قبل غيره، فلا يتوقع من الآخرين منحه مساحات شاسعة من الثقة؛ كي يبدع وكما يريد دون أن يُقدم على الإبداع ويتقدم به؛ ليبرهن لنفسه وللآخرين أنه يدرك ما يقوم بفعله أصلاً. وأخيراً إن كنت تملك ما يستحق أن يُعَرفك كمبدع حقيقي، فلتتقدم به، ولتكشف للعالم أي الناس أنت.