11 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ بداية حرب إبادة إسرائيل على غزة قبل أكثر من ستة أشهر، كان التخوف الإقليمي والدولي وخاصة الأمريكي من توسع رقعة الحرب وتوحيد جبهات محور المقاومة وفتح جبهة الشمال - حزب الله من جنوب لبنان، وجبهة الجولان من سوريا وحتى المقاومة من العراق والحوثيين من اليمن الذين نشطوا منذ منتصف نوفمبر باعتراض السفن وناقلات النفط المتجهة إلى ومن ميناء إيلات الإسرائيلي وهددوا حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن وعطلوا الملاحة إلى حد كبير في قناة السويس وتسببوا بخسائر كبيرة لدخل مصر من القناة ولإسرائيل بتعطيل أعمال ميناء إيلات. حتى وصل الأمر لشن الولايات المتحدة وبريطانيا غارات على مواقعهم داخل اليمن!. لكن لم يكن أحد يتوقع أن يصل تهور وعربدة نتنياهو غير محسوبة العواقب والتداعيات، لاستهداف إيران ومصالحها وقنصليتها في دمشق واغتيال 7 قيادات عليا في الحرس الثوري الإيراني مطلع شهر أبريل. لخطورة تداعيات استفزازها بخرق القانون الدولي ومعاهدة فيينا الناظمة للسلك الدبلوماسي بحصانة البعثات الدبلوماسية، والاعتداء على سيادة دولتين سوريا وإيران بضربة واحدة!. يحبس العالم اليوم أنفاسه تحسباً لرد إيران انتقامي على اعتداءات إسرائيل المتكررة واغتيال قيادات داخل وخارج إيران. خاصة بعد تعهد ووعيد القيادات العليا بالرد والانتقام، وعلى رأسها المرشد الأعلى آية الله خامنئي في خطبة عيد الفطر في طهران بالرد والانتقام على جرائم «النظام الصهيوني الملعون والخبيث». وهكذا بعكس المتوقع، إسرائيل وليس إيران وحلفاءها من تدفع بتهور وغطرسة وخرق القانون الدولي، المنطقة إلى حافة الانفجار للهروب إلى الإمام وحرف الأنظار عن جرائم ومجازر حرب غزة والوضع المأساوي والإنساني الكارثي الذي صنعته آلة القتل الصهيونية، وآخرها عملية اغتيال ثلاثة من أبناء وثلاثة من أحفاد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في أول أيام عيد الفطر. واليوم تستنفر الولايات المتحدة ودول أوروبية «بريطانيا وألمانيا وفرنسا» وغيرها وتحذر مواطنيها بأخذ الحيطة والحذر، دون أن يجرؤ أي منهم على لوم وانتقاد تهور عربدة نتنياهو وخضوعه لابتزاز وزرائه المتطرفين. ما يهدد أمن واستقرار ومصالح أمريكا وحلفائها! وسط ذلك التصعيد المتبادل، وبسبب تهور واستفزازات مجرم الحرب نتنياهو ليبقى في السلطة، يقحم نتنياهو بايدن معه في حرب ضد إيران تحقيقاً لحلمه القديم، ويجره لما يمكن أن تكون نهايتهما السياسية وخسارتهما الانتخابات القادمة. في خضم خطف سيناريوهات الرد الإيراني الانتقامي على عدوان إسرائيل على سيادة إيران وقتل قيادات الحرس الثوري، بات الرد الإيراني مسألة محسومة ويتم حالياً عند كتابة هذه السطور وضع سيناريوهات متعددة لنوع وحجم وعمق الرد الإيراني. وفيما يصطف ويتعهد بايدن وقياداته بالالتزام بأمن إسرائيل «الصخري»، ونقل إدارة بايدن عبر وسطاء لإيران بأن الولايات المتحدة ليست طرفاً، وسترد إذا اعتدت إيران على قواتها وقواعدها. أبلغت إيران وسطاء عربا أنها سترد على القواعد الأمريكية إذا شاركت بالاعتداء على إيران مع إسرائيل. تُطرح أسئلة أكثر من الإجابات لسيناريوهات رد إيران الانتقامي: ما طبيعة الرد وحجمه وعمقه ومن أين سينطلق؟ هل سيشمل الرد قصفا بصواريخ بالستية وصواريخ كروز ومسيرات انتحارية من طراز شاهد 136 من داخل إيران للداخل الإسرائيلي باستهداف قواعد ومنشآت عسكرية؟ أم سيكون الرد من حلفاء ووكلاء إيران من جنوب لبنان والعراق وسوريا واليمن؟ أم سيكون الرد الإيراني باستهداف سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج؟ أو يكون الرد هجيناً يشمل الرد الصاروخي واستخدام القرصنة الإلكترونية ضد منظومات حواسيب ومواقع إلكترونية حساسة إسرائيلية؟. عادة تنشط في أوقات الأزمات دبلوماسية الوساطة السرية Back Channel Diplomacy من طرف يحظى بقبول أطراف الأزمة لخفض ومنع تفاقم الأزمة وخروجها عن السيطرة. ومع تصاعد التهديد يبرز وسيط من دول مجلس التعاون الخليجي وربما دول أخرى للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران بإبقاء الرد الانتقامي محدوداً وعدم استهداف القواعد والجنود والمنشآت العسكرية الأمريكية. ومنع انزلاق المنطقة نحو الهاوية بتوسيع رقعة حرب شاملة تفجر حربا إقليمية. لا يرغب بها أحد سوى نتنياهو ومخططه الشيطاني. وهدفه خلط الأوراق بتوريط الجميع ووضع العراقيل حسب تسريبات الفريق الإسرائيلي المفاوض في مصر للتوصل لصفقة مع حماس استجابة للضغوط الأمريكية على نتنياهو والضغط من قطر ومصر على حماس، يتهم فريق التفاوض الإسرائيلي بوضع العراقيل والشروط التعجيزية لمنع التوصل لاتفاق على مراحل بوقف إطلاق النار وفتح المعابر وإدخال المزيد من المساعدات وصفقة تبادل للأسرى والمحتجزين. ومع ذلك لا يوجد أي ضغط وإنذار من بايدن وقيادات إدارته يوبخ ويفضح تعنت نتنياهو بشكل علني. في المقابل يجب أن تكون رسالة دول مجلس التعاون واضحة ومباشرة وعلنية: نحن لسنا طرفاً في المواجهة والانتقام بين إيران وإسرائيل، وأمريكا ولن تكون أراضينا ومجالنا الجوي منطلقاً للانتقام للرد الأمريكي على رد إيران الانتقامي! ما يعنينا في دولنا الخليجية تأكيد موقفنا والنأي بالنفس. وتأكيد القيادات السياسية والعسكرية: لسنا طرفاً في المواجهة التي افتعلها الأخرق نتنياهو بتهوره واستفزازه بقصف قنصلية إيران في سوريا! ونرفض استخدام أراضينا في أي عملية عسكرية أمريكية ضد إيران. كما نجح تهور وخطط نتنياهو بالتصعيد وقرع طبول الحرب الإقليمية بناء على حجم وعمق الرد المتبادل بين إيران والضربة الإسرائيلية-الأمريكية بصرف الأنظار وتراجع تغطية وتسليط الضوء على تفاقم مأساة حرب إبادة غزة من تصدر الإعلام العربي والعالمي والدولي. ودخول بايدن وقيادات إدارته على الخط وكالعادة أعلنوا اصطفافهم وتعهدهم بالدفاع وحماية أمن إسرائيل وإرسال معدات عسكرية، برغم عربدة الصهاينة! وهم لم ينتقدوا دفع المنطقة لحافة الهاوية! فيما تبقى إدارة بايدن عاجزة عن لجم وحتى انتقاد تهور نتنياهو!.