17 سبتمبر 2025

تسجيل

المقاومة الفلسطينية في غزة تقدم للأمة درساً في علم القيادة

14 أبريل 2024

قيادات المقاومة الفلسطينية في غزة تضيء للأمة الطريق لاختيار قياداتها في المستقبل، على قواعد التضحية والثبات والصمود والإيمان بالرسالة.. وتوضح أن القائد الذي تحتاجه الأمة هو الذي يستطيع أن يواجه التحديات بعزيمة الرجال وشجاعة القلب والضمير. هل تريد دليلا؟ انظر إلى ذلك المشهد التاريخي الذي تجلت فيه قوة إيمان القائد إسماعيل هنية، وهو يتلقى نبأ استشهاد أبنائه الثلاثة وأحفاده، واسأل نفسك ماذا يمكن أن يكون رد فعل أي إنسان في هذا العالم إذا واجه تلك المحنة ؟، وما سر صمود هذا الرجل وثباته وقوة إرادته؟. في هذا الموقف قدم الرجل للأمة رسالته: إنه يشكر الله الذي شرفه باستشهاد 60 من عائلته، وأن دماء أبنائه وأحفاده ليست أغلى من دماء كل الشهداء الفلسطينيين، وبذلك ذكر أمته بحقيقة أن المسلمين تتكافأ دماؤهم.. وهو معنى مهم في حياة الأمة يميزها عن كل الأمم، ويؤكد قيمة حياة المؤمن التي يضحي بها راضيا طلبا لرضا الله. تفسير سلوك هذا القائد يحتاج إلى قراءة حضارية تتجاوز الإعجاب بموقفه، ذلك أن سلوكه يوضح أصالته واعتزازه بالانتماء لخير أمة أخرجت للناس، وأن شعب فلسطين عندما اختاره للقيادة كان يعبر عن الإيمان بالمبادئ، ويتطلع لبناء مستقبله على قواعد العدالة والإصرار على تحرير فلسطين، ولذلك يختار القيادات التي تلتزم بالمبادئ وتعبر عنها بوضوح، وترفض التنازل والمساومات، ومن يقدم التضحيات يستطيع أن يقود كفاح شعبه في مواجهة القوة الغاشمة. لكن هناك أبعادا متعددة يمكن أن تفسر ذلك السلوك؛ فالمسلم يعتقد بيقين أن الحياة الدنيا مرحلة عابرة يجاهد فيها لإرضاء الله، فيعبده، ويعمل لإعمار الأرض، وتحرير البشرية من العبودية للطواغيت، وشرف حياة المؤمن في جهاده للقيام بوظيفته، وفيما يقدمه من تضحيات لتكون كلمة الله هي العليا.. والمؤمن يتطلع دائما للقاء أحبابه في الجنة، ففيها الخلود في النعيم. والشهادة هي أجمل خاتمة لحياة المؤمن، وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى يمن بها على من يشاء من عباده.. يقول الله سبحانه وتعالي: «إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين» آل عمران:140 لذلك شكر القائد إسماعيل هنية ربه الذي شرفه بشهادة أبنائه وأحفاده الذين يحبهم، لكنه الحب الذي يجعل المؤمن يتمنى الخير والنعمة لمن يحبهم. هذا الإيمان هو الذي يجعل الرجل يواجه النبأ بصمود وقوة وشجاعة وصبر، ويقدم للأمة درسا في ثبات الرجال وقوة الإرادة والعزيمة. وفي المحن تظهر أصالة القيادة التي تتجلى في صدق الانتماء لأمة اختارها الله للقيام بوظيفة حضارية من أهم أركانها نشر المعرفة التي تشتد حاجة البشرية لها بعد أن ساد الظلم، وفرض الطواغيت سيطرتهم على العالم، ولم يعد أمام الإنسانية كلها سوى الإسلام الذي يمكن أن يبني لها مستقبلا يقوم على الإيمان بالله والعدل والحرية.. وتلك هي المعرفة الأصيلة التي أنعم الله بها علينا في القرآن الذي أنزله على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وتلك المعرفة هي التي يمكن أن تعيد للإنسان روحه، وشجاعة قلبه وقوة ضميره وكرامته وحريته.. فيدافع عن الحق والعدل، ويرفض الظلم والقهر والاحتلال والاستبداد. الحياة بالإسلام هي التي تليق بالإنسان، فهي حياة كريمة عزيزة، هدفها إرضاء الله سبحانه وتعالى.. لذلك يقاتل المؤمنون في غزة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب جرائم ضد الإنسانية ويقتل الأطفال والنساء، ويظن أنه حقق نصرا باغتيال أبناء إسماعيل هنية وأحفاده، لكن الرجل يستقبل الخبر بعزة المؤمن وإصراره على مبادئه، ويشكر ربه الذي أكرمه بشهادتهم. وكل قادة المقاومة الإسلامية في غزة يدركون جيدا أن جيش الاحتلال يبحث عنهم ليوجه لهم صواريخه، لكنهم يواجهون القوة الغاشمة بشعارهم الخالد: إنه لجهاد نصر أو استشهاد، ومن يطلب الشهادة حتما سيفوز بالنصر.. إنه نصر الله سيأتي في الوقت الذي يريده، ويومئذ يفرح المؤمنون، ويتذكرون شهداءهم بكل فخر لأنهم أضاءوا للأمة طريق العزة والمجد والشرف والتمكين وتحرير فلسطين.