11 سبتمبر 2025

تسجيل

فقدان لذة النعم !

14 مارس 2023

لا يوجد إنسان على وجه الأرض إلا وتُحيطه النعم من الله عز وجل وتتفاوت تلك النعم من إنسان لآخر حكمةً من الله عز وجل منه ما نعلم ومنه ما لا نعلم . تتخالف الآراء البشرية في وضع ترتيبها للنعم فمنهم من جعل الصحة في أول المقام الأول ومنهم من فضل المال على الصحة ومنهم من قدم الأبناء على المال والصحة، فقد يكون الجميع على حق نسبياً وذلك لرؤية كل إنسان النقص الواقع في احتياجاته. وهناك من منّ الله عليه بجميع تلك النعم من نعمة الصحة والمال والأبناء ولكنه مُفتقد للسعادة ويبحث عنها وهيّ لديه في الأصل ! فمن قنع بما لديه سعد ومن لم يقنع بما لديه تعس. من أحد أبواب السعادة هي صفة القناعة بما قسمه الله عز وجل والسعي والدعاء للأفضل ولكن يُقفل ذلك الباب من قبل الشخص ذاته بسبب المقارنة العقيمة، فعندما يتوجه الإنسان للنظر لمن يمتلكون نعما أكثر مما يملك أو يشغلون منصباً وظيفياً أعلى من وضعه الوظيفي فهنا يتسرب اليه الإحباط وقد يتغلل إلى صدره الحسد والعياذ باالله ، فيفقد الإحساس بما لديه من نعم والشكر عليها ، فيصبح ممسياً مصبحاً في تتبع هذا وذاك ! تضيع سنوات العمر وتضيع أوقات حياته التي يُفترض أن يقضيها فيما يسعده في الدنيا من متاعها ومزجها طاعة الله عز وجل إلى التحول إلى عدم الرضى بما قسمه الله عز وجل له، فتصبح حياته في مجملها في مقارنات عقيمة لا تسمن ولا تُغني من جوع ! ولكي لا يفقد الإنسان تقدير النعم والشكر عليها وجب عليه رؤية من هم أقل منه حظاً في الصحة، المال ، الوظيفة، الأولاد وهذا مما يُعين الشخص على الإحساس بما مّن الله عليه من نعم عظيمة، فيكون شاكراً حامداً لها وليحصد بركة تلك النعم. وأصبح في يومنا هذا رؤية الأعلى حظاً تمثيلاً كان أو واقعاً وذلك في مواقع التواصل الاجتماعي مما يُعرض من البعض من ثروات من سيارات وسعادة أُسرية واقعية أو مُتصنعة أمام الشاشة وقصور يدعون امتلاكها وقد يمتلكونها ورحلات متعددة حول العالم فكل ذلك يجعل من يتابعهم يتبع خطوات الشيطان والذي يجعلهم يترصدون أخبار هؤلاء ليصبح مع الوقت ذلك الشخص المُتابع لهم فاقداً لشعور النعم التي يمتلكها فضلاً من الله عز وجل ويصبح غاضباً ضيق الصدر وتضيق الدنيا عليه وإن وسعت ! ولا يشعر الكثير ممن فقدوا لذة تلك النعم بسبب بمقارنتهم بين حياتهم وحياة من هم بنظرهم الأكثر حظاً بأن هناك من يتمنى أن يكون في مكانهم أو حتى يحظى بقليل مما لديه ! وما هو المشروع لنا أن تتمنى الخير لمن يصادفك أنك رأيت حظه من الدنيا يغبطه وتسأل الله من فضله من الرزق الحلال في كل شؤونك، ولا تتمنى أن تكون في موضع غيرك ممن تراهم في ظاهرهم مرسومة السعادة فقد يكون من تتمنى أن تكون في مكانه يحمل هماً لا تستطيع أن تحمله أنت فيجعلك ذلك الهم لا تطيق الحياة للحظة ! أخيراً قيل ويُقال كم من فقيرٍ عاش وصدره ممتلئ من الحياةِ فرحاً وكم من غنيٍ أطبق على صدره الكّبدُ !