14 سبتمبر 2025
تسجيللقد كان قرار الارتباط بشريك الحياة سابقاً قراراً أشبه باختيار صفحة مقروءة من كتاب نحمله بين أيدينا، أو اختيار نوع فاكهة محدد من بين عدة أنواع متاحة أمامنا، دون مساحات مظلمة، أو زوايا مجهولة حين يأتي يوم وتتكشف لابد أن تتكشف معها أستار الحياة الزوجية .والسبب في ذلك يرجع بنظري إلى أسباب عديدة لها عمقها على المدى البعيد، منها على سبيل المثال وليس الحصر الترابط الاجتماعي الشديد الذي كان يصل أفراد المجتمع ببعضهم البعض، والبنية المتلاحمة لأبناء الحي الواحد، والمعرفة القوية والمتناقلة للعائلات وللصفات والموروثات المتناقلة بين العوائل.حيث كانت كل عائلة تعرف عز المعرفة الأسر المجاورة، فحين يتقدم شاب لخطبة فتاة من نفس المنطقة كما كانت تجري العادات سواء من أقارب أو من نفس المنطقة فإن صفاته وأخلاقه وكل ما هو متعلق به فإنه معروف لديهم بكل تفاصيله ومع الأيام نادراً ما يظهر منه غير ما عرف عنه وعن عائلته على مر الأيام والسنين.أما الآن فقد اختلط الحابل بالنابل، وتخلطت معظم العوائل، وأصبح من الصعب أن يعرف صفات الشاب أو الفتاة حتى جيداً، ومن الصعب التكهن بما طبع عليه الأطراف من صفات على مر السنوات، وبالتالي كيف ستسير الحياة الزوجية بينهما، وهل سيكون خياراً موفقاً تكتمل معه الحياة القويمة، ويستقيم به مسار العلاقة أم سيكون خياراً خاطئاً ستسدد فواتيره من أعمارهم ومن سعادتهم.إن ما حدث وما يحدث ليس خطأ أحدنا لنشير إليه بأصابع الاتهام وإنما هو ما أفرزته لنا تغير أنماط الحياة الاجتماعية، وتغير أشكال العلاقة في مجتمعاتنا، وتأثير كل ما حل بنا خلال السنوات الأخيرة.إن من الصعب جداً أن نعود للوراء بمعايير الماضي حتى نحاول الحصول على ضمانات لجودة اختيارنا حين نختار شريكاً يشاطرنا حياتنا، ولكن قد يكون من الحكمة أن نستمع لكبارنا حين كانوا يقولون ( على الأصل دور ) وحين كانوا يؤمنون بأن الأصالة هي شرط أساسي وعماد لنجاح الحياة الزوجية، وحبذا لو تحرينا الأسرة التي نشأت على القيم والمبادئ والدين والأصالة حتى لا نقع في فخ سوء الاختيار.