10 سبتمبر 2025

تسجيل

هل أنت لطيف مع ذاتك؟

14 فبراير 2023

من أجمل المكتسبات التي من الجميل أن يعتني بها الإنسان أن يكون (حنوناً) على نفسه، (عطوفاً) عليها، لطيفاً معها، وألا يزيد على عاتقه مشقة الحياة بقسوته على ذاته، فيصبح عليها جلاداً لا يرحم، ومحصياً لأخطائها يعدها ويعاقب نفسه عليها مراراً وتكراراً، ويشق عليها الطريق فيقارنها بغيرها ممن يتوسم فيهم أنهم الأفضل والأحسن والأسرع والأجمل وهو بذلك يظن أنه إنما يُحسن صنعاً بتهذيبها، وترويض جموحها حتى تستقيم، وبتعهدها بالتربية والتأديب ولا يدري أنه إنما يوشك أن يقوض جدرانه، ويهدم بنيانه، ويزلزل كيانه، ويخلق له عدواً بين جنبيه!. اللطف مُستحق، والرحمة واجبة.. وهي أوجب ما تكون مع نفسك، فهي كالطفل الذي يشب محتاجاً للتربية والتهذيب والحزم ولكن بالرحمة والعطف واللطف والاحتضان، وباستيعاب زلاتها، وتفهم نقصها، ومداراتها حيناً، وقيادتها بالتشجيع والحب حيناً آخر، دون إفراط في الحزم ولا تفريط في التدليل!. ولذلك فليكن منهجك إن أخطأت فسامح لأنك قد تعلمت، وإن سقطت مرة فلا بأس فعما قريب ستنهض من جديد، وإن خسرت فالعوض قادم، وإن تهت فستعود من جديد، وإن ضاعت عليك فرصة فالآتي أجمل. وليس ذلك محض تنظير، أو دعوة إلى الإيجابية عند النظر للأمور، ولكنه منهج حياة، وأسلوب تعامل مع الذات، يُؤَسس بالتدرب والمران، وطول البال وسعة الخاطر، وبالرحمة والحنان، واللطف فما كان الرفق في شيء إلا زانه. فلا شيء في هذه الدنيا مهما بلغ مبلغه يستحق أن تجلد بسببه ذاتك، وتسخط عليها سخط العدو الغاشم، تؤنبها بالحسرة والندامة والتبكيت الدائم! فلن يستنهضها إلا رحمتك وحنانك، ولن يعيد إحياء عزمها إلا لطفك بها وغفرانك. *لحظة إدراك: اللطف واللين أوجب ما يجب مع ذاتك، فلن ينضح إناؤك إلا بما فيه، ولن تستطيع أن تمنح غيرك ما تمنعه عن نفسك، وما رحمتك بذاتك إلا دعوة لاستمطار رحمة ربك، ورفق خلقه معك، وما شدتك عليها إلا استجلاب للمشقة واستعداء الآخرين عليك، فتعاملك مع نفسك سيعكسه الآخرون لك أيضاً في تعاملاتهم معك حتماً بلا ريب.