10 سبتمبر 2025
تسجيللا أذكر بالضبط السن الذي اكتشفت فيه عالم القراءة الساحر، ولكني أذكر بأنه كان في المرحلة الابتدائية.. في مرحلة الطفولة، السهلة التكوين والتشكل. أذكر أني انجذبت إلى مكتبة أمي القابعة في الصالة، حيث شدني منظر الكتب المتراصة والملتصقة ببعضها البعض، حتى تكاد لا يبان منها شيء، وكأنها كلها تمثل كتابا كبيرا واحدا. ولهذا السبب-ربما-أخذت أُخرِج كل كتاب على حدة لأخذ نظرة عليه.. كنت أتساءل، هل جميعهم متشابهون في المحتوى؟ واتضح بأن لكل كتاب منهم، شخصه المستقل! أول دليل، أكد لي بأن كل كتاب مختلف عن الآخر، هو الغلاف.. فعلاً الكتاب يبان من عنوانه! كان لكل كتاب، غلافه الخاص والمتميز. وأكثر ما دفعني إلى القراءة، كانت تلك الغلافات المميزة. بدأت طبعاً، بنجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس، كيف لا، وصاحب الغلاف هو الفنان الرائع جمال قطب! الذي كان يرسم الغلاف أو «لوحاته» كما كان يسميها وكأنه يعمل على بوستر فيلم للسينما! ومن هنا، و من بعد، أن مِلت غصب عني إلى عالم القراءة المزركشة بالأغلفة الرائعة، بدأت أقرأ جميع أنواع الكتب، سواء أكان الكتاب رائعا أو عادي الغلاف! رحلتي مع القراءة، بدأت بغلاف الكتاب، لا المحتوى.. في الكثير من الحالات لم أكن أفهم المحتوى أصلاً لصغر سني! و لكني كنت أستمر مع الكتاب ذي الغلاف الرائع! و من هنا فهمت حقاً، أهمية غلاف الكتاب، ليس لي فقط، بل للجميع، وكما يجدر أن يكون عليه الوضع! ينبغي لغلاف الكتاب أن يكون رائعا ومثيرا وجاذبا للقراء، وفي الوقت نفسه، مرآة للكتاب، ومختصر لأفكاره ومحتواه! وهذا ما أراه ناقصاً في يومنا هذا، عندما أزور المكتبات ومعارض الكتب. نادرا ما نجد غلافا، يحمل كل هذه المواصفات، بل على العكس، في الكثير من الأحوال، نجد أغلفة، تافهة أو بسيطة إلى درجة لا تعكس فيها حتى نصف أفكار الكتاب والكاتب، أو نرى غلافات غير مبدعة و غير «متعوب» عليها! و أسوأ الغلافات في نظري، تلك التي تحمل صورة كاتبها! لا يجدر على أي كاتب أن يضع صورته على غلاف الكتاب إلا إذا كان الكتاب هو سيرته الذاتية! أما غير ذلك في نظري، لا يساعد الكتاب و لا يُساعد الكاتب، فماذا سأستفيد أنا كقارئة للشعر مثلاً عندما أشتري ديوان عليه صورة الشاعر؟! اسم الشاعر يكفي للتعريف بأن هذا ديوانه و لا أحتاج صورته كقارئة للتأكد من ذلك! إن كان هذا الهدف بالأساس! لا يزال في عالم تصميم غلافات الكتاب، مبدعين مثل حلمي التوني وكريم آدم، و أتمنى للمزيد من الفنانين دخول هذا المجال الجميل، ومن دور النشر والكُتاب، إعطاؤهم الفرصة لذلك، فتصميم أغلفة الكتب، مهم بقدر، تصميم بوسترات الأفلام و بقدر أهمية إعلانات التلفاز. هناك عدد غير بسيط من القراء، لن يمسك الكتاب، إن لم يجذبه الغلاف! كما يجعلنا بوستر الفيلم نتهاون عن دخول الفيلم لسوء تصميم البوستر، و كما تجعلنا الدعاية السخيفة على التلفاز لا نشتري المنتج من السوبرماركت! غلاف الكتاب هو أول مُسوق للكتاب، وهو المنتج الذي يشتريه القراء بأعينهم قبل الكتاب! فلنوله الأهمية اللازمة!