14 سبتمبر 2025
تسجيلبعيداً عن الأجواء الاحتفالية التي تصاحب اليوم الرياضي، فإن موضوع (الرياضة)، منظوراً إليه من زاوية التكلفة والعائد، يظل موضوعاً يستحق أن نتوقف عنده. لذلك فإن السؤال الذي لا بد أن يطرح: هل يزيد عائد الرياضة عندنا على التكلفة، أم يساويها، أم يقل عنها؟ والحق أن الإجابة عن ذلك تتطلب معرفة تفصيلية ودقيقة بحجم الإنفاق على الرياضة؛ وبالمقابل، معرفة بالعائد الذي يتمثل في جانبين: 1– الصحة. 2– التميز الرياضي. ولأننا لا نملك أي مصادر رسمية تبين ذلك، فهذه مؤسسة اسباير زون تنشر تقارير سنوية (آخرها تقرير 2018!) لا تعرض حجم إنفاقها، وكذلك الأندية الرياضية تخلو مواقعهم من أي ميزانية. وهذا دليل على افتقار الشفافية في إدارة المال العام. لذلك فإننا سوف نلجأ إلى ما هو منشور عن قطاع الرياضة في الإستراتيجية الوطنية الأولى (2011 – 2016) والثانية (2018– 2022)، وعلى بعض الإحصاءات التي ينشرها جهاز التخطيط والإحصاء، وعلى ما تنشره الصحف المحلية. حجم الإنفاق على الصحة: لقد تطور حجم الإنفاق على الصحة من (900 مليون ريال) سنة 2000 إلى (1.5 مليار) سنة 2004 إلى (4.3 مليار) سنة 2008 إلى (14.9 مليار) سنة 2012 إلى (20.7 مليار) سنة 2018 إلى (22.6 مليار) سنة 2020 ثم انخفض إلى (20 ملياراً) سنة 2021. (المصدر: الصحف المحلية). حجم الإنفاق على الرياضة: جاء في موقع جريدة الشرق العنوان التالي: 800 مليار حجم تطوير الخدمات والمرافق الرياضية. (12 فبراير 2019). تكشف هذه الأرقام عن حجم إنفاق ضخم، لابد أن ينعكس بصورة إيجابية على صحة المواطن في صورتين: نشاط بدني مستمر، وحياة صحية سليمة. لكننا لو نظرنا في ما تقوله الأرقام لوجدنا التالي: تكشف إستراتيجية التنمية الأولى عن الحقائق التالية: "39 % من السكان البالغين يعانون من زيادة في الوزن. و32 % يعانون من السمنة" وأن "أكثر من 50 % من السكان لا يمارسون أنشطة تمارين بدنية بانتظام" وأن من يمارس النشاط الرياضي من النساء لا يتجاوز 15 %. (إحصاءات 2009) ولقد وضعت الإستراتيجية على عاتقها الوصول إلى "زيادة المشاركة المجتمعية في الرياضة والنشاط البدني، وتشجيع الحياة الصحية والنشطة عن طريق الرياضة". و"الارتقاء بمستوى الرياضة في دولة قطر إلى حد التميز". وهي بذلك تعكس اتجاهين يسودان الرياضة على مستوى العالم: اتجاه ينظر إليها باعتبارها (متعة وهواية وصحة) وهو الاتجاه الأقدم تاريخياً، واتجاه آخر ينظر إلى الرياضة باعتبارها (حرفة). وقد انقضت الإستراتيجية الأولى ولم تنشر الحكومة أي معلومات عما تحقق وما لم يتحقق. وهذا دليل آخر على افتقار الحكومة للشفافية. وما نشر في الإستراتيجية الوطنية الثانية عن "التقدم المحرز في تحقيق نتائج وأهداف" الإستراتيجية للقطاع الرياضي، هو حديث عام تنقصه الدقة. ولو انتقلنا إلى إستراتيجية الصحة الثانية وليس الأولى! لوجدنا ذات التحديات الصحية التي أشارت إليها إستراتيجية الرياضة الأول: تبين "تحديات قطاع الرعاية الصحية" (2018 – 2022) الخاصة بالسكان أن "69 % من الوفيات ناجمة عن أمراض مزمنة" وأن "71 % من السكان تعاني من زيادة في الوزن". و"43.9 % من البالغين تعاني من تدني مستوى النشاط البدني". ويبين بعض الاختصاصيين أن "نسبة السمنة عند البالغين في قطر تصل لقرابة 30 % إلى 40 %، أما الأطفال والمراهقون ممن يعانون من ازدياد في الوزن بحدود 20 %، وكذلك يعاني 20 % من الأطفال والمراهقين من السمنة" (الدكتورة نور نبيل سليمان، استشارية غدد وسكري وسمنة بمؤسسة حمد الطبية صحيفة العرب – 8 مارس 2021). وتشير أرقام أخرى إلى "نسبة السمنة في طلاب المدارس القطريين 45.9 % و40.9 % نسبة السمنة في طلاب المدارس لغير القطريين ويعاني 70 % من سكان دولة قطر نسبة زيادة الوزن والسمنة". (صحيفة الوطن 4 مارس 2021) (انظر أيضاً خطة العمل الوطنية للتغذية والنشاط البدني في دولة قطر 2011 – 2016) وتعتبر معدلات السمنة في قطر الأعلى بين دول الخليج العربي "ومما يثير القلق أنه تم تصنيف 75 % من القطريين على أنهم يعانون من زيادة الوزن، و40 % منهم يعانون من السمنة المفرطة أو السمنة المميتة". (الدلائل الإرشادية الوطنية للنشاط البدني في دولة قطر – النسخة الثانية 2021). ولن نسترسل في إيراد الشواهد التي تبين أن العائد على الإنفاق في مجالي الرياضة والصحة دون مستوى الأهداف بمراحل. وهذا يتطلب وقفة من قبل المراكز العليا لاتخاذ القرار وصناعته، والقيام بمراجعة ترفدها دراسات علمية دقيقة متنوعة ومستمرة تكشف عن مَوَاطن الخلل لتصلحها. يتبع.