14 سبتمبر 2025

تسجيل

الرياضة في قطر.. التكلفة والعائد (3)

21 فبراير 2022

ختمنا مقالنا السابق بـ (الشرق) بالقول: إن السلوك الاقتصادي العقلاني هو البحث في الأسباب التي تقود الأندية إلى الخسارة. إن الجذر الذي هو أصل (الخسارة)، والتي هي في الحقيقة هدر للمال العام، مغروس في البنية التنظيمية للأندية. وهو الذي أشرنا إليه في المقال السابق بأن "تحول الرياضة من كونها (هواية) إلى (احتراف) هو تحول شكلي، لم تحقق الأندية متطلباته الاقتصادية". يبين ذلك أن شركات الأندية القطرية (كرة القدم) ما كان لها أن تستمر لولا الدعم الحكومي المستمر. وبناءً على ذلك، فإن ما يمكن تسميته بـ (الخسارة) هو نتيجة مشكلة بنيوية، وليس سوء إدارة (التي ربما توجد). فتحول كرة القدم إلى ممارسة احترافية (أي نظير أجر)، أوْهَم ليس فقط الأندية بل غيرها، أنها أصبحت (رب عمل)، شركة تدير لاعبين محترفين، تبحث عنهم، وتفاوضهم، وتدفع لهم ملايين، ليس تصدقاً! بل لتربح من وراء ذلك. ولقد تصرفت الأندية بناءً على هذا الوهم كـ (شركات)، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، بل هي شركات وهمية، شركات على الورق فقط، تقتات في معظم إنفاقها على المال العام. ولو تحولت إلى شركات حقيقية تعتمد على مصادرها الذاتية لأفلست من أول يوم! والسؤال الذي يمكن أن يطرح: لماذا لا تتحول الأندية إلى شركات حقيقية، تدار وفقاً لقانون الربح والخسارة؟ وجوابنا: هل تستطيع؟! ذلك أن أي شركة لكي تربح تحتاج إلى سوق، أي مستهلكاً لبضاعتها. وبدون مستهلك تكسد البضاعة وتفسد وتُفْلس الشركة. وهذا ينطبق على (شركة نادي كرة القدم). ومعلوم أن أنديتنا تفتقد السوق (الجمهور) الذي يحضر إلى ملعب كرة القدم. الجمهور هو أحد العناصر الأساسية التي تعول عليها الأندية الاحترافية في دخلها - (العجيب أن هناك من الأندية عندنا من يدفع للجمهور لكي يحضر!) - ومعلوم أن جمهورنا لا يتجاوز المئات في معظم المباريات. ويعود ذلك إلى أسباب ذاتية تعود إلى الجمهور، لكن هناك أيضاً سبب موضوعي رئيس هو الحجم السكاني الصغير. ويرتبط بالجمهور المصادر الأخرى للدخل الإعلانات الدعائية، وغيرها من المبيعات، فالمعلن يبحث عن جمهور لكي يكون لإعلانه جدوى تجارية إلخ. خلاصة القول هي أن كل مصادر الدخل المحتمل أن تجني منها أندية كرة القدم لا تساوي نفقاتها. وهذا يعني أن الذي يتحمل نفقات (شركات أندية كرة القدم) هو المال العام، فلماذا يتحمل المال العام نفقات (شركات) خسرانة! هل المطلوب أن توقف الدولة دعمها للأندية الرياضية؟ هل المطلوب أن تغير الأندية من شكلها القانوني؟ هل تلغي نظام الاحتراف؟ ما الحل؟ لهذا حديث آخر.