10 سبتمبر 2025
تسجيليتطلب الأمر منا القليل من الوقت؛ كي نعبر فيه عن غضبنا من أي موقف يستحق الغضب قد يمر علينا؛ لتخرج الكلمات دون سابق معرفة، وتقذف بنا هنا وهناك، حتى ومتى عاد الوعي إلى صوابه، فكرنا بما قد تفوهنا به، ونكرنا هذا وذاك، وتعجبنا من تلك المرحلة التي بلغناها، ولم يُبلغ الوعي بها؛ ليتخذ موقفاً ينم عن صلاحه وفلاحه، وهو وإن دل فعلى أن النفس تندفع حين تثور، ويدفعها غضبها؛ لتبث بشحناتها السلبية في كل مكان من حولها، فتشحن النفوس (الضعيفة منها والمهزوزة)، بكثير من المشاعر السلبية التي لن تُكسبها وزناً يمكن بأن يُحسب لنا لا علينا، بينما يختلف الوضع حين نعيش لحظات نقابل فيها معروفاً نود مقابلته بكل معروف لن يتحقق إلا بكلمات تعبر عن وضعنا، ولكننا وفي المقابل لا نجد من الكلمات التي لا بد وأن تتولى تلك المهمة سوى القليل مما يصعب عليه بأن يتجاوز الحفنة وإن صح التعبير، ويعود ذلك لعدة أسباب لعل أهمها أننا نفكر ملياً بكيفية مقابلة المعروف بمعروف يضاهيه أو على الأقل يوازيه حجماً؛ كي نُعبر عن مدى امتنانا، ونَعبُر بذلك مساحات الشعور بالتقصير، ونصل وفي النهاية إلى منطقة (راحة البال)، التي ستمسح عنا كل المخاوف التي ولربما تعلقت بنا حين كان المعروف منذ البداية، وستسمح لنا بأن نواصل الدرب نحو تلك الأعمال الصالحة التي يتوجب علينا القيام بها. إن الحديث عن المعروف وعن مقابلته ليس بالهين إذ أنه يبلغ من الصعوبة درجة تكاد تكون كتلك الحالة التي نسعى ومن خلالها إلى التعبير عن (حالة الامتنان)، التي تُجبرنا على التفكير ملياً بكل كلمة يمكن أن ننطق بها، وتُحسب لنا، ومما لاشك فيه أننا سنعاني من ذاك الوضع، الذي سنجد أننا قد وُضعنا فيه حين نقف أمام أعظم الأشخاص الذين ساهموا بتغيير حياتنا إلى الأفضل، وجعلونا أكثر نضجاً وقدرة على تقبل الحياة وسط جملة من الخيارات المُتاحة، التي ومن الممكن أن تكون جيدة أو أبعد من أن تكون كذلك، والحق أن مَن يحاول تغيير معالم الحياة وملامحها للأفضل كُثر، فهم يحيطون بنا من كل جانب، ولكننا لا نشعر بهم، ولا نشعر بقيمة الحاجة إلى التغيير إلا إن بدر ذلك من الأعماق، والمساحة التي تفصل بين رغبة التغيير الحقيقية، وبين فرصة انبثاق ذاك النور من الأعماق، لهي شاسعة لا يمكن قياسها، ولا يمكن توقعها بتاتاً، فهي عظيمة وتتطلب من الصبر ما هو أعظم، وهو الصعب إلا أنه وفي المقابل ذاك الممكن، إذ مازلنا وحتى هذه اللحظات نسمع بأصحاب همة بلغوا تلك القمة وبكل فخر؛ ليسجلوا على جبهة التاريخ كل محاولات التغيير التي كتبوها بدماء صبرهم، ولحظات حياتهم التي قرروا وهبها للآخرين. لقد عانت حروفي رحلة صعبة جاءت صعوبتها من جوف حقيقة أن المعروف الذي أود مقابلته بكلمات شكر خالصة، قد قررت التوجه لإنسانة قدمت الكثير مما ساهم بصقل ملامح شخصيتي، ألا وهي (أختي مريم)، التي أخذت منها وعنها دروساً جعلتني أكثر نضجاً ووضوحاً وبنسبة عالية والفضل لله من قبل، ودفعتني لأصبح صاحبة أهداف واضحة وهادفة، تسعى إلى خدمة المجتمع وكل ما فيه، ولكن وبكل صراحة لم تقف الصعوبة عند ذاك الحد فحسب، بل أنها قد فاقت ذلك بكثير؛ لأن من دفعها لتصبح بتلك القوة التي بثتها فيني من بعد الله هو الراحل صاحب الذكرى الخالدة، إن شاء الله، الإنسان إبراهيم الفقي (رحمة الله عليه)، ولكم أن تدركوا كم ستكون رحلة تصفيف هذه الكلمات صعبة لا أستطيع متابعتها أكثر، فلقد تجمدت الكلمات عند هذا الحد، وحتى تعود إلى سابق عهدها، فليوفق الله الجميع.