12 سبتمبر 2025
تسجيلقرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونَقل السفارة الأمريكية إليها، أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد تواريها في السنوات الماضية خلف الأحداث الكبرى التي هزت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خصوصا بعد تداعيات الصراع المفتوح والدامي بين الثورة والثورة المضادة في الشوارع العربية. جاء قرار ترامب في توقيت تاريخي يحمل العديد من الانكسارات العربية والعجز والهوان وانعدام الحيلة والقدرة في المواجهة والصمود والاعتراض، بعد 50 عاما من ضم إسرائيل للقدس الشرقية والضفة الغربية وغزة وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، وبعد 70 عاما من قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، و100 سنة بعد إعلان بلفور. موقف الرئيس الأمريكي ترامب قسم العالم العربي وعمق جراحه، وأحرج حتى الذين يطلق عليهم حلفاء إدارة ترامب في المنطقة العربية في كل من مصر والسعودية والأردن بالتحديد، حيث أصبحت الخيارات أمامهم ضيقة بين الاستمرار في تأييدهم لشريكهم، أو مراعاة رأي عام رافض وبقوة لهذه الإجراءات والممارسات السياسية المترتبة عليه. الحكومة الإسرائيلية لم تكذب خبرا وتقبلت هدية ترامب برحابة صدر، وبدأت تعمل على تغيير موازين القوى الديموغرافية في القدس من خلال التمهيد لطفرة بناء ضخمة في المدينة ومحيطها. القرار قتل بشكل فعال فكرة أن واشنطن هي طرف محايد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصا بين الجموع التي ما زالت تؤمن بالعملية السلمية في المجتمع الدولي. وقد اعتبرت العواصم العربية بالإجماع تقريبا قرار ترامب بشأن القدس أن يكون ميلا حادا تجاه إسرائيل ومؤشرا على دعم واشنطن لتوطيد الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية. كما أعلن مجلس جامعة الدول العربية وهو مرغم، على مستوى وزراء الخارجية العرب، معارضته لقرار ترامب واعتبره ليس باطلا فحسب، بل أيضا انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. وأعلنت بريطانيا وفرنسا والسويد وإيطاليا وحتى ألمانيا أن القرار يتعارض مع القرارات الأممية ذات الصلة، ولا يساعد في إحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط. وخرج آلاف المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع احتجاجًا على قرار ترامب. وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الكلمات هي الذخائر الوحيدة التي يملكها القادة العرب والمسلمون في الوقت الحالي للتضامن، الذي وصفته بالبسيط، مع ما يجري في القدس بعد القرار الأمريكي الأخير. ولكن إذا كان هذا الكلام ينطبق عل الأنظمة العربية وقيادتها، فهل ينطبق على الشارع العربي المحبط والمحتقن والمغبون والمقهور، وهل يؤدي هذا القرار وتبعاته إلى انفجار قريب قادم؟!