14 سبتمبر 2025
تسجيلمما يبعثُ أشدَّ الألمِ في نفوسنا أنَّ الكثيرين لم يَـعُـوا بعد أنَّ قطرَ الحبيبةَ، دولةً وإنساناً ومجتمعاً، موضوعةٌ تحتَ مجهرِ الإعلامِ الدوليِّ بسبب مونديال ٢٠٢٢ م، وأنَّ الصورةَ الحَـسَـنَـةَ التي نريدها لها ليست مسؤولية القيادةِ وحدها، فالقيادة سَـخَّـرَتْ الإمكانات الاقتصادية والسياسية والإدارية خدمةً للجهود المبذولة لإنجاح المونديال، وصار لزاماً عليناً أن نعلم أننا، المواطنين والرياضيين والإعلاميين والموظفين والتربويين وسواهم، لا نُـمَـثلُ أنفسنا في كل ما نقوم به وما نفعله، وإنما نُـمَـثِّلُ وطنَـنَا ومجتمعنا. لا تعنينا الأسبابُ التي أدَّتْ للمشاجرة بين مُدَرِّبَـيِّ الجيش وقطر، ولا تهمنا أقوالهما وأقوال مناصريهما، لكن الذي يهمنا ويعنينا أنهما نسيا الالتزام الأخلاقي الرياضي، وتصرفا بحماقةٍ وكأنَّ لا قوانينَ ونُظُـمَ ولوائحَ معمولاً بها في كرة القدم، وبإمكانِ الذي يجد في نفسه أنَّ فريقه تَـعَرَّضَ لظلمٍ أن يلجأ إليها. نحن لا نتحدث عن مباراةٍ في الدوري المحلي، وإنما عن صورة حضاريةٍ بالغةِ السوء شهدتها تلك المباراة، ولن تَـغْـفَلَ عنها عيونُ الباحثين عمَّا يُسِـيءُ إلينا جميعاً. ثماني سنواتٍ تفصلنا عن المونديال، والاستعدادات قائمةٌ على قدمٍ وساقٍ، من تحديث البُـنى التَّحتية، وبناء المنشآت الرياضية الضخمة، وتطوير التعليم والإعلام لتخليق روحٍ رياضيةٍ وحضاريةٍ في المجتمع. ورغم ذلك، نصطدم بأناسٍ لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا أنَّ الالتزامَ بالقوانينِ واللوائحِ ليس عملاً إجبارياً تفرضه الجهات الرقابية والتنفيذية وهي تُـلَـوِّحُ بالعقوبات، وإنما هو عملٌ ذاتيٌّ يدلُّ على احترامٍ للوطنِ وحِـرْصٍ على اسمِـهِ. فباستطاعة اتحاد القدم إيقاع العقوبات المنصوص عليها في لوائحه ضدَّ الـمُـدَرِّبَـيْـنِ، لكن ذلك لن يمحو الجُـرحَ الذي سَـبَّباه في جسدِ الروح الرياضية الذي نحرص على تنميته ورَفْـدِهِ بأبنائنا الناشئين والشباب الذين نفخر بهم لِـما يُبدونه من تَحَضُّرٍ ورُقيٍّ وثقافةٍ عامة. لقد حان الوقتُ لنسعى، جميعاً، للعمل الجاد في سبيل نشر الأخلاق الرياضية كمهمةٍ وطنيةٍ دائمةٍ، وليس كواجبٍ مفروضٍ نقوم به أمام وسائل الإعلام في مناسبات معدوداتٍ. وعلينا إدراك مدى تأثير الإيحاء في نفوس الناشئة والشباب، فيكون كلُّ واحدٍ منا رمزاً لهم في مجال تخصصه وفي حياته العامة والخاصة. إننا نتحدث عن قطر الحبيبةِ، والجهود الجبارة لقيادتها ومواطنيها في سبيل أنْ يشعَّ اسمها حضارةً ورُقِّـياً ووطناً للإنسانِ الـمُبدعِ.