12 سبتمبر 2025
تسجيلكل ما يجعل المواقف التي تعرضها علينا الحياة؛ لنتعرض لها وبالشكل الذي يُعبر عنا هو ما نخرج به من علاقات، تستند مهمتها الأساسية الى ظهر ضرورة جعل كل ما نَمُر به خفيفاً لطيفاً يسهل علينا تقبله ومواكبته، والتعاطي معه بالطريقة التي تناسبنا قبل أي شيء آخر، مما يعني أن الحاجة إلى قيام العلاقات الإنسانية التي تفوح منها رائحة الاحترام والعطف حاجة ضرورية لأي وجود إنساني يبحث عن العطاء وبصفة مستمرة، وفيما يتعلق بهذه الحاجة وسط محيط عملي فإنها لا تفتر بتاتاً، بل على العكس تصبح مشتعلة وجائعة أكثر، وبحاجة ماسة لكل ما يمكن بأن يكتم صوت جوعها قبل أن ينتبه إليه الآخرون وذلك؛ لأن العمل يتطلب إفراز (المنتج) وعلى درجة عالية من الجودة، والمنتج يتطلب وجود من يقوم بتلك المهمة وهو بوضع يميل إلى (الراحة) وإن لم تكن كلية، فضمان وجودها يُزيح الكثير عن كاهله، ويسمح له بإنتاج المزيد وفق الشروط المتفق عليها، وهو ما يجعلنا نسلط الضوء على (محيط العمل) الذي يتوجب عليه بأن يتمتع بمجموعة من الشروط لعل أهمها تنقية الجو العام من كل شيء سواه الانسجام، الذي يعني وجوده توفير مساحة شاسعة من العطاء الممزوج بكثير من الإبداع والابتكار، وهو ما نحتاجه تماماً وسط كل محيط تحيط به مستويات مختلفة من البشر يجمعها هذا المجال العملي؛ لتجتمع من حوله، وتعطي كل ما تملكه وبصورة مُرضية لا (مَرَضية)، وذلك؛ لأن هذه الأخيرة هي من سترفع من سترفع، وستضع من ستضع؛ لتعبث بالجميع، والمصيبة أنها ستفعل ذلك بكل الجهود المبذولة، التي ستكون متقاربة إلى حد ما في ما يتعلق بما تبذله وما تسعى إليه، ولكنها ستفقد فرصتها أمام التخبط بمسألة (التقدير)، الذي يُعد من المتطلبات الأساسية التي تحتاجها تلك العلاقات حتى بلونها (العملي)، الذي يُعد من أبسط الحقوق التي يتطلبها العمل، وما أجمله التقدير حين يشعر به العامل (مهما كان عمله، ومهما كانت رتبته) وهو يُحيط به من ذاك المحيط الذي ينتمي إليه ويحتويه، بسؤاله عن حاله، وتفقده؛ لمعرفة جديده ومده بما يحتاج إليه من اهتمام يترجم تقدير جهوده، والمكانة التي يحتلها هذا العامل عن كل ما تقدم به من جهود خلال فترة عمله، والحقيقة أن هذا الاهتمام سيدفعه أكثر نحو تقديم المزيد، والبحث عن الجديد الذي سيضيف له ولعمله الكثير من التغييرات الجيدة، التي سيتنفس من خلالها وستجعله المنافس الأول بين كل من يشاركهم هذا المجال الذي يشغله.إن هذا الاهتمام الذي دارت من حوله الدوائر هذا اليوم لا يُعد المشكلة الأساسية التي يجدر بها بأن تشغلنا، ولكن رغبتنا بمزيد من (الإنتاج)؛ لنتباهى به ونحتفل دون أن نحفل بــ (المُنتِج) الذي يضع كامل طاقته؛ ليخرج بهذا (المُنتَج) الذي سيكون بأحسن حالاته متى وجد من التقدير والاهتمام ما يكفي؛ لجعل حياته بشقها العملي أكثر جمالاً، هو ما سيصبح أعظم ما يمكن بأن نواجهه، خاصة أن ما نقوم بفعله يؤكد على تفاقم سطوة عدم الاهتمام بهذا الأخير الذي يُعد آخر الاهتمامات (أحياناً)، رغم أنه يعمل ويعمل تجبره وتجره إليها الحاجة، التي ستأخذه إلى نقطة لن ينجز فيها ما يحب وبكل حب، بل سينجز؛ ليقدم من الأعمال ما لن يُعبر عنه، وبالتالي لن يبلغ المرتبة التي تطمح إليها جهة عمله التي تضمه. إن الرسالة التي نحتاج إلى بثها في هذه المرحلة تحديداً تصر على أن نتفق جميعنا على أن العامل هو من يعمل وإن اختلفت مهام عمله، وهو من يحتاج إلى اهتمام حقيقي يحفزه على العطاء أكثر، بدلاً من معاملته بطريقة تترك إنسانيته على الرف؛ لتجعله ينجز ويقدم كل الإنجازات بعيداً عنها، وكأنه لا يمت لها بصلة، رغم أن هذه الإنسانية هي ما ستُحمله وستدفعه للسير على درب الإبداع الذي نتوق إليه في كل شيء، وعليه فلنحافظ على هذه الإنسانية في كل زاوية من زوايا حياتنا؛ لنحقق ما نسعى إليه، وهو ما سيكون بمبادرات ستبدأ منك وحدك.