18 سبتمبر 2025

تسجيل

ينابيع السعادة (2-2)

13 أكتوبر 2015

إن من أجمل ما قرأت في السعادة؛ أن الله تعالى قد أعطى كل إنسان حظه من السعادة، ولكنه موزع باختلاف بين الناس، فكل منا قد كتب له نصيبه منها، فهو آخذه لا محالة، فمنا من رزقه الله تعالى مالا وجمالا، ولكنه قد حرم من الأولاد، أو حرم الاستمتاع بما عنده، ومنا من رزقه الله تعالى العلم والمنصب والرزق الواسع، ولكن حرم من الصحة، وقد لا يستطيع حتى تناول ما تشتهيه نفسه، بسبب الأمراض التي حلت به، ومنا من رزقه الله تعالى المال والصحة والأبناء، ولكن حرم من بر أبنائه، ومن والديه، وقد يكون محروماً من خير متاع الدنيا وهي الزوجة الصالحة، كما قال عنها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وغير ذلك الكثير من توزيع الخالق سبحانه، فهذا أسعده بالثراء، وذاك بالجاه، وآخر أسعده بالأبناء البارين، أو الزوجة الصالحة، أو حتى حب الناس، والقبول بينهم، أو العمل المريح أو الأصدقاء الصالحين، أو الحياة السهلة الرغيدة. فلو تمعن كل واحد منا بنعم الله تعالى عليه، لما تسخط في يوم من الأيام، ولما اعترض على أقداره أو اشتكى من سوء حظه، ولما قال: لماذا أبتلى أنا وغيري يعيش هانئاً سعيداً؟ والواقع أنه قد يكون مخدوعاً جداً، بقشور خارجية قد لا تعني لصاحبها شيئاً أمام ما يعاني منه في الخفاء، ولكن العين الفارغة التي لا ترضى بقضاء الله وقدره، وهي التي تتطلع إلى ما يملكه الآخرون دون أن ترى ما تملك، والله تعالى يقول: "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم". فلنُعِد النظر في تقييمنا للسعادة، ولمقاييس السعادة التي لا يمكن لأي أحد حولنا أن يصنعها لنا، إن لم نصنعها لأنفسنا، ولا يمكن أن نشعر بها إلا إذا نظرنا ـ وبعمق شديد ـ لكل نعمة رزقنا الله بها، حينها فقط سندرك مقدار السعادة النابع من أعماقنا.