12 سبتمبر 2025
تسجيلتصادم وجهات النظر وتضاربها يأتي كنتيجة حتمية لاختلافات تكون صائبة من وجهة نظر أصحابها، بفضل تلك الزاوية التي تحتويهم وتُقنعهم بأن ما يفكرون به هو الأجدر بأن يكون؛ لذا كثيراً ما نشعر بأننا نخوض صراعات كثيرة بين مجموعات مختلفة يصر كل طرف منها على أنه صاحب الحق، الذي يتمسك ويتشبث به وبقوة تؤدي إلى اندلاع المعارك، التي تدور؛ ليخسرها من سيخسر، وينتصر فيها من سينتصر، ويذهب ضحيتها من سيذهب، وتحديداً حيث لا يريد، والحق أن هذه الحكاية ليست جديدة علينا، فنحن ومنذ أن خُلقت البشرية نعيش على هذا الوضع، الذي نشهده دوماً، فمنه ما قد حفظه التاريخ في ذاكرته؛ ليفرزه بين الفينة والفينة بحسب ما تفرضه الظروف، ومنه ما يقبع في أعماق النفوس؛ ليظهر على السطح حين يتطلب الأمر ذلك، وبالنظر لكل ما يدور من حولنا ندرك بأن (أصل حكاية ذاك الصدام)، الذي نعيش تفاصيله وبشكلٍ يومي هو مفهوم الحق، الذي تربينا عليه، ونعتمده في حياتنا كمحرك أساسي لكل خطواتنا، وهو ذاك الذي سيكون منا وفي أفضل الحالات بفضل كل تلك المفاهيم الصحيحة التي سبق لها وأن غُرست فينا في زمنٍ سابق، بدأ من تلك اللحظة التي سنخوضها معكم وبمسحة سريعة من خلال التالي: - تبدأ تلك اللحظة التي نعرفها على أنها اللحظة الحقيقية؛ لإدراك الحق حين توشك حياة جديدة على البدء، ويُمسك بها طرفان يهتم كل طرف منها بإدارة أموره على خير وجه، يسمح به ومن خلاله بامتداد معنى النعيم، الذي سيصل للطرف المقابل، وسينعكس بأثره الإيجابي عليه؛ ليُحصر بذلك الخير بينهما وبشكلٍ سيسمح لهما بتأدية ما عليهما من واجبات على خير وجه، لن يستمر بينهما، ولكنه سيمتد لطرف جديد سيعتمد على كل ما سيُقدم له؛ كي ينعم هو الآخر بحياة هنية، سيؤدي امتداد الهناء إليها إلى تجويد العطاء، الذي وكلما (ترفع) تأثر وانعكس تأثيره على محيطه بشكلٍ خاص، وعلى مجتمعه بشكلٍ عام، مما يعني أنه سيعود بنفعه على الجميع حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد إن شاء الله. - ذاك الطرف الجديد يستحق حياة لن يحظى بها كما يريد حتى يدرك معنى الحق الذي سيُغرس فيه على خير وجه، سيقبل به ويقبضه وبإحكام حتى يتعلق به كما يجب، ويصل من بعد ذلك لمرحلة التوجيه، فيكون ذاك الحق هو الموجه الأول له، والذي سيتمكن به من بلوغ ما يريده، حتى وإن تصادم مع غيره ممن يحسب أنه على حق؛ لنعود بذلك لمسألة أساسية ألا وهي: كيف ندرك من أننا على حق أصلاً؟ من الطبيعي أن يتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: إن كنت على حق، وذاك على حق أيضاً، فإلى أين سنصل حتى ندرك من منا على حق؟ لاشك أن الغرس الأول، لذاك المعنى الكبير في حياتنا، والذي أكدنا عليه آنفاً، يكون على نطاق واسع، لا ينطبق بسهولة على كل ما نعيشه، فلكل موقف طبيعته الخاصة، التي تُميزه ويتميز بها، وتحتاج منا (أي تلك الطبيعة) إلى دراسة وافية توضح الأمور، التي تحتاج إلى توضيحات شافية تمنعها من الإصابة بأي مرض لن يسمح لنا فيما بعد من التصرف كما يجب؛ لندرك بذلك من منا يملك الحق فعلاً؛ كي يُطالب به، مما يعني وبكلمات أخرى أن أحقية الفوز بالحق من نصيب من يملك الأسباب التي تُسانده وتُعينه على ذلك، فإن كنت ممن يملكها تلك الأسباب، ويدركها تلك التوضيحات، التي ستُزيح الغموض المحيط بموضوع الخلاف فلاشك أنك ستفوز بما لك وإن كان ذلك بعد حين سيحين بإذن الله تعالى، وكل ما عليك بذله هو الصبر وبذل المزيد من الصبر، حتى يكتب الله لك الفوز بما تستحقه، والأمل بأن يكون لك فعلاً.حين تحدثنا عن تلك الأطراف التي تبدأ منها الحياة فلاشك بأن الحديث قد كان عن كل من يدخل بأقدامه على (حياة زوجية ممتدة ومسؤولة عن انبثاق حياة أخرى مستقبلاً) تحتاج ومنذ البداية لكثير من التعاون، الاحترام، محاولة احتواء الآخر، وتقبل ما يكون منه في حدود المعقول والمقبول، ودون المساس بكرامته؛ لغياب وجه التفاهم، الذي وإن لم يطل عليهما منذ البداية، فستبدأ الخلافات بالظهور؛ لتحويل تلك الحياة الجديدة المشتركة كساحة معركة البقاء فيها للأقوى، وليس للأحق بذلك، وهو ما لا يجدر حدوثه حقيقة؛ لأن هذه الحياة وإن احتاجت لقوة (ما) فهي قوة التفكير الإيجابي، الذي يمكنك به امتصاص غضب الآخر وطيشه قبل أن تتفاقم الأمور، بمعنى أنك وإن قررت الاستعراض بعضلاتك، فيجدر بك التفكير بـ (عضلة قلبك) التي ستمدك بنور لن يُكللك حتى تُكلله بإيمان لاشك سيُساعدك على إدراك ما يجدر بك فعله وفي الوقت المناسب، الذي ستدرك فيه أنك على حق، سيتقبله الآخر وسيقر به من أجلك؛ لتعظم صورتك في نظره، وتمتد بينكما الحياة حتى تطل عليكم تلك الأطراف الجديدة، التي ستدرك معنى الحق الحقيقي من خلال ما سيتم غرسه من تلك اللحظة التي جمعتكما معاً. وأخيراًفي نهاية الأسبوع الماضي، وتحت أضواء الشموع، احتفلنا بزواج أخت عزيزة وسط حفل عائلي بسيط، تكلل بكثير من الأمنيات الصادقة لحياة سعيدة، وبدأ ذلك بتبادل أصدق الكلمات القلبية، التي كانت من الجميع، وحين وقع الدور علي، شعرت أن الأمر لن تستوعبه تلك الدقائق، ولن تُلخصه تلك اللحظات، فوعدت بكلمة سأنثر عبيرها من خلال هذا العمود، وهو ما قد كان مني فعلاً، بحسب ما قد سبق لي وأن ذكرته، وهذه الأمنية الصادقة التي سأختم بها كلماتي: أتمنى أن يكتب الله لكما حياة سعيدة تتغنى بأطيب ما فيها.