13 سبتمبر 2025
تسجيلكثُرت حالات الطلاق في مُجتمعاتنا العربية ولأسباب عدة ويصعب حصرها والقليل منها ما يذكر في ارتفاع تكاليف الزواج وطلبات الحياة الزوجية وغيرها، فما دور المجتمع في ذلك وهل هذه هيّ الأسباب الفعلية للطلاق وهي الديون التي ترتبت على الزواج، وهل لكلماتنا وقعٌ على تلك المشكلة وهل ستكون الكلمات سبباً في تقليل تلك الحالات ؟! •خطاب المسؤولين الخطاب الحالي الذي نراه هو خطاب كأنه يتحدث عن صفقات ما بين طرفين، هو يتحمل النفقة والمعيشة والكساء وبعض الخطاب ولكن ليس عليه أن يعالجها إن مرضت ! والخطاب الآخر هي ليست بخادمة بل يقع دورها في تلبية الحاجة وإنجاب الأبناء وتربيتهم ولا يجب عليها خدمة الزوج ولا إعداد الطعام له ولا تلبية احتياجاته العادية ولا تقع التلبية في الاحتياج الشرعي، كما على الزوج إحضار خادمة لزوجته لتخدمها، وإن تزوج الزوج بالثانية مع قدرته على العدل بينهما ولم تتقبل الزوجة الأولى ذلك (فطلقها) إن رأت ذلك ! خطاب يُهيّئ لحياه زوجية يقع فيها الشروط والمكاسب ! قد يكون بعض هذا الخطاب صحيحاً في مضمونه ولكن يحمل الكثير من الخطأ في الخطاب ! هذه خطابات البعض من المشايخ والوعاظ والمُثقفين وغيرهم، فلماذا يوجه الخطاب كأنه خطاب التحدي وليس خطابا للتراحم ! لماذا يوجه الخطاب كأن الأمر لبضاعة تستعمل بمقابل مادي بدلاً من خطاب يتحدث عن تكوين أُسرة ومجتمع قوي. •الخطاب المجتمعي الفكر المتمثل حالياً لدى الكثير من الفتيات أن الزوج هو باب من أبواب البنوك الربحية ولها الحق في استنزاف ذلك البنك، وذلك في جعل الواجبات الأساسية التي تقع على الزوج واجبات مُحدثة ووفق الموضة ! بحيث إن البعض يطالب أزواجهن براتب شهري وذلك على الرغم من أن الزوج يُغطي نفقتها بشكل كامل من ملبس ومأكل ومسكن، ووصل البعض في أن الكساء يجب أن يكون وفق الموضة ووفق ما تراه هيّ في غيرها وليس وفق الاستطاعة وذلك كمثال شراء قطعة واحدة من الملابس والتي قد تصل قيمتها السوقية إلى نصف راتب زوجها الشهري، وحقيبة تصل قيمتها إلى ضعف راتبه الشهري أو قد يزيد على ذلك بكثير، فهنا خرجنا من المنظور الشرعي في الكساء إلى منظور آخر ليس بالكساء ! وهناك فئة أُخرى وعلى الرغم من عملها فإن راتبها الشهري هو في نظرها حق شخصي ولا يجوز الصرف منه على أبنائها ومنزلها وحتى شراء ما ترغب به ! ولكن يتغير هذا المنظور في صرفه على شراء الهدايا وتحمل تكلفة الحفلات والعزائم التي تُقيمها لصديقاتها !! وفي الاتجاه الآخر يظن الزوج أن الفتاة آلة لإنتاج الأبناء وآلة تعمل في الليل والنهار لتوفير الراحة للأبناء والزوج في كُل أمورهم الحياتية وإن من واجبات الزوجة أن تكون الخادمة التي هي في أهبة الاستعداد لإعداد ولائم العشاء للضيوف وعدم الحاجة لإحضار خادمة وإن كان مُقتدراً ! •خطاب التراحم أين نحن من خطاب التراحم والمودة وتكوين الأُسرة، أين نحن من خطاب يدعو إلى محبة الزوج لزوجته ومحبة الزوجة لزوجها، أين نحن من خطاب يدعو إلى محبة الأبناء من الطرفين، أين نحن من خطاب يوضح أن الحياة الزوجة ليست حروبا متعددة ومن ينتصر في أكبر عدد منها فهو المُنتصر في نهاية المعركة ! نتفق أو نختلف في واجبات الزوج وواجبات الزوجة، ولكن ألا يجب أن يكون الخطاب ممزوجاً بالمحبة والترغيب للطرفين لما بينهما؟ فبدل الحديث عن أن من واجب الزوج المسكن والمأكل والكساء أن يكون من بعدها وأن استطعت فأوسع عليها فهي في بداية الأمر ونهايته جزء لا يتجزأ منك فإن كنت مقتدراً فوفر لها من يخدمها وإن كنت مقتدراً فاجعل لحياتك وحياتها اتساعاً والتنعم بما أحل لكما الله تعالى. وأن يكون الخطاب لها بأن تلبي الواجب الشرعي فإن زادت فذلك خيرٌ لها، فما أجمل أن تكون الزوجة هيّ من تقوم بواجبات زوجها وأبنائها، وبالمقابل هي تحصل على المحبة والتقدير. كفانا تخويفاً وزرع دروع المقاومة لدى الطرفين، إن منعك من زيارة أهلك وجبت عليك الطاعة، وإن هي لم تلب حاجتك الجسدية فهيّ آثمة وهي وهي.. ولقد أرشدنا الرسول ﷺ إلى حسن اختيار الزوج بقوله ﷺ: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" الحديث ينص على حس الاختيار في الخلق والدين ولا ينص على اختيار الطرف بما يتوافق مع مصالح كل طرف والمكتسبات التي سيجنيها من الآخر ! فقبل أن ننظر إلى النظرة المادية في سبب حالات الطلاق وربطها بالغلاء علينا أن نعيد النظر في الخطاب الموجه لمن سيخطو هذه الخطوة المباركة في النظر بشكل عميق في كيفية المودة والتراحم ومشاركة الحياة في كل جوانبها بين الطرفين.