12 سبتمبر 2025

تسجيل

حديث الكتاب

13 سبتمبر 2018

منذ حوالي ستة عشر عاما تقريبا، كتب أحد كُتَّاب القصة المخضرمين عن رواية لي، من نصوص البدايات التي كنت أكتبها وأنا أرتدي عباءة الشعر ما أزال، وتبدو أشبه بالقصائد الطويلة، أن هذه رواية شبحا، لا تمسك بمعالم سردية لها، وتعطي أضواء متقطعة، لكن لا وجود لأي ضوء فعلي، وأن أولى بكاتبها أن يمارس مهنته التي درسها، بدلا من غزو عوالم لا يعرف كيفية غزوها. أذكر جيدا، أن هذه الفقرة كانت من الفقرات المؤلمة في مسيرتي التي كانت في بدايتها فعلا، لكن أتطلع بشغف لأمضي وألتقط في كل يوم عصا جديدة أتوكأ عليها، وأحيانا أحس بأنني لا أحتاج لعصي، فأسرع في الخطى. هكذا. قرأت مقال القاص المخضرم باهتمام كبير وألم، أخبرت أصدقاء عديدين يتابعوني عنه، وودت لو أنه كان إيجابيا، أو به فقرة إيجابية على الأقل، لكنت حسنت وضعي السردي بلا شك، وتساءلت بعد ذلك بيني وبين نفسي: ما هي شروط الكتابة التي لا تغدو كتابة شبحية؟ كيف يمكن أن تعاد الثقة لقلم كان يظن نفسه متميزا، والآن لا شيء؟ في الحقيقة، ظللت سنوات لا أستطيع العثور على إجابة ما، فكل من يكتب نصا، يبذل فيه مجهودا كبيرا، ويملأه بالأحداث والشخصيات، والحيل، يظن بأنه كتب نصا كاملا، بينما نصوص الآخرين ما هي إلا كتابات نيئة، بحاجة لمزيد من النار حتى تنضج، وربما لو جئت بنص قديم لكاتب ما، نسيه ونسبته لآخر، وسألته عن رأيه، لاستغرب أن تكون هذه كتابة، ولانتقدها بشدة، وكنا نجلس في المقاهي، ونتحدث عن الإبداع والمبدعين، ويدعي معظم من كانوا جالسين بأنهم أهم المبدعين، وتسأل أحدهم عن تجربته، فتستمع إلى أشياء مدهشة عن قراءاته، ومطاردته للجمل الموحية، والسهر وتأرجح النوم، من أجل أن ينجز نصه هذا، وتقرأ النص ولا تجد فيه أكثر من نص عادي، كان يمكن أن يكتب بلا سهر وحمى وثقافة، وأي شيء آخر له علاقة بالإبداع، ويصادف كثيرا أن يتحدثوا عن كتب معينة، نالت حظا من الشهرة والمجد، باعتبارها كتبا سخيفة، ولا تستحق، وأخرى لم تنل حظا، باعتبارها أعظم الإنجازات في مجال الإبداع.