14 سبتمبر 2025

تسجيل

حكاية الوجوه

13 سبتمبر 2011

الوجوه حكاية لا يجيد سردها إلا من يجيد الحياكة، وتلك الأخيرة هي خبرة تُمكنك من ربط الأمور والوقائع؛ لتدرك الحقيقة وان كانت غائبة عنك. منذ أعوام ليست بالبعيدة وتحديداً حين كنت طالبة تطلب العلم من أهله، كتب الله لي الالتقاء بأستاذ جامعي على درجة عالية من العلم كسبها واكتسبها من دراسته بالخارج، فجاء إلينا والى تعليمنا المتواضع؛ ليرفعه دون ان يضعه كما كان يحسب وهو من كان لا يجيد الحساب، المهم أن ما حدث حينها أنه وبحضوره الأول، وبدخوله علينا قد مسح القاعة بنظرة واحدة شملت كل ما كان ظاهراً على السطح دونها الأعماق، وقال بصوت قد أثقله تكلف التباهي بلكنة قد كلفته ضياع عمره في غربة لم يجد نفسه فيها: (First impression is LAST) أي (الانطباع الأول هو الأخير)، وهو ما وصفه الجميع بكلمة واحدةCool، وهي تلك الكلمة التي كانت بمثابة كلمة المرور Password حينها، وكان يتوجب على أي أستاذ (تصلنا سمعته المتقلبة من قبله) بأن يفوز بها كي يجد مكانه في قلوب الجميع؛ لأنه وإن لم يفعل؛ لمات حضوره بذات البقعة التي تفاخرت به على ظهرها، ولدُفنت كل جهوده حتى من قبل أن يشرع بها. لقد كانت تلك الكلمات الصغيرة كبيرة المعنى، وتركت أثراً بالغا في نفسي، أو بالأحرى قد غيرت مسار تفكيري، ولكن من بعد تعديلها إلى (الانطباع الأول لا يمكن أن يكون الأخير)، وهو ما كان مني بعد دراسة فعلية لواقع الحياة، وما يدور فيها، وتمعن شديد لكل ما خرجت به منها. يفرض عليك التواجد في هذه الحياة الالتقاء بالآخرين، وهو الواقع الذي يفرضه الواقع، فان تكون في هذه الحياة يعني أن تلتقي كل مرة بآخر يحمل لك من المعاني ما يؤكد لك أنه كذلك، فهو من سيقدم لك كل المعاني، ولكن من زاوية جديدة غير تلك التي عرفتها من قبل، زاوية لن تتحقق غايتها إن أطلقت حكمك على الآخر منذ البداية، وقطعت الطريق على فرصة التعرف به وإليه فقط لأنك من أنصار First impression is LAST. إن ما تعلمته من هذه الحياة، وأحب أن ينطق به قلمي فينطلق صوته لكم جميعاً هو عدم إطلاق الحكم على الآخر إلا من بعد التعرف إليه، فهو الجنون بعينه بأن نحكم على الآخر من آخر لا يمت له بصلة، ودون اللجوء إلى واجب فعل ذلك وبجد. إن الوجوه حكاية ذات فصول مخفية لا يمكن معرفة تفاصيلها من النظرة الأولى، فهي تتطلب علاقات توطدها المعرفة الطيبة لتكون، والمفروض ألا نقف عليها دون أن نستمر بالتقدم؛ لمعرفة ما يخفيه ذاك الكيان الحاضر والماثل أمامنا، ولكن يبدو أن المفروض يغدو مرفوضاً أحياناً فيخلق هالة من التجاهل لهذا الفرض، فنجد أن هناك من يستوقفه الوجه وما يحمله من ملامح لربما تملكها التعب، وأرهقها الوجع، وعذبها الخوف؛ ليحكم عليها وعلى إنتاجها بالرفض، وهو ما يحمل الكثير من الظلم بحقه ذاك الآخر، فلا ندرك عنه الحقيقة حتى تبثنا الحياة بمواقف جديدة تضمنا معاً، ووسط ظروف غريبة جداً، نشعر من خلالها بأنها المرة الأولى التي نجتمع فيها وهذا الآخر فنسأل: أين كان من قبل؟ وكيف لم ندرك وجوده وكل ما يملكه من إبداع؟ مما لاشك فيه أنك وإن وصلت حتى هذه الكلمات ستتذكر الكثير ممن صادفتهم في حياتك ولجمت حق معرفتك بهم حتى من قبل أن تكون بـ (First impression is LAST)، وهو ما أحسبه يحتاج لأن يتغير ويُغير وجهة نظرك؛ لتتمكن من الفوز بالكثير مما سيكون لك، ووو... للحديث بقية ولكن حين يكون اللقاء من جديد، وحتى يحين ذاك الحين فليوفق الله الجميع. ومن جديد راسلوني بالجديد: salha_202@hotmail.