12 ديسمبر 2025

تسجيل

فضول مُدمر

13 أغسطس 2023

مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وإدمان كثير من البشر عليها، زاد الفضول عند الناس، وكلما عَرف الناس أكثر وتعّرضوا للمعلومات المتنوعة في كل التخصصات زاد فضولهم لمعرفة الأكثر، ولعّل أكثر ما يثير فضول كثير من الناس تفاصيل حياة الآخرين، التي ساهم التواصل الاجتماعي في نشرها وجعلها عرضة للتداول، وقد بدأت بمشاركة بعض الصور في بعض التطبيقات وانتهت إلى البث الحي لتفاصيل الحياة والحديث مع الآخرين مباشرة في البرامج من أجل جني المال والشهرة، خاصة ما يحدث في برنامج التيك توك الذي يوفر خاصية البث المباشر مع الحصول على عائد مادي نظير هدايا يقدمها المتابعون في البثوث المباشرة، والتي أحياناً لا تقدم محتوى هادفا أبدا بل على العكس تحتوي على هرج واستعراض وسطحية في الكلام وطلبات وأحكام قد تبدو سخيفة أحياناً، بل بعضها خارج عن الحياء والأدب والذوق العام ومُقززة. والمشكلة بالرغم من تلك التفاهة أن الفضول هو المتحكم في المشاهد أحياناً، والذي ليس بالضرورة أن يكون متابعاً لصاحب البث ولكن البرنامج يقترحه لك أثناء التصفح وربما يوقفك الفضول لتشاهد أسخف محتوى ممكن أن يمر عليك إلاّ أنك تضّيع وقتك في متابعته لعّلك تجد ما هو مهم!. الفضول عند بعض الناس اقترن بالحسد، خاصة أصحاب النفوس المريضة، فهو يتابعك ليتتبع أخبارك ويعرف تحركاتك (وربما هو لا يُحبك)، ولكن فضوله يُحركه لمتابعتك ليس للاطمئنان عليك وإنما ليحسدك وليحسب عائدك المادي والهدايا التي تستلمها والبلدان التي تسافرها والدعوات التي تتلقاها، ويضع تحركاتك تحت المجهر دون أن يتمنى لك الخير أو يدعو لك في ظهر الغيب بل على العكس يتمنى زوال نعمة الله التي أنعمها عليك، ويتمنى ألا يتفاعل معك الناس وألا تحصل على أي امتيازات، نعم كلنا نشترك في خطأ نشر تفاصيل حياتنا على الملأ للدرجة التي أصبح بعض المتابعين يحفظون تفاصيلنا أكثر منّا، ويذكروننا بمواقف مرننا بها نسيناها، وهذا ما يثبت مدى تعلقهم بمحتوانا ودقتهم في المتابعة، بل البعض مهمته أن يُحلل ويربط الأحداث ببعضها البعض ويرسم قصصاً ربما تكون وهمية لكنه يصدقها ويروج لها!. وهذا يهون عند أولئك المتنمرين والذين لا يترددون في التعليق بتعليقات خارجة عن الذوق والأدب، ويصبون عُقدهم عليك ويعبرون عن حسدهم بطريقة فجة خالية من الأخلاق، ويعتقدون أنهم بذلك يعّبرون بحرية عن آرائهم، لا العكس تماماً فإن التعليق السيئ دليل على سوء أخلاق المتابع أو استخدامه لعبارات خارجة عن الحياء والذوق العام، يُعّبر ذلك عن حسده وعدم تصالحه مع نفسه، وقد أوصانا الإسلام: «قل خيراً أو أصمت»، فإذا ما رأيت أمراً، لا تتفق معه أو لا يعجبك فبإمكانك تجاهله وبسهولة إلغاء متابعة الشخص عوضاً عن التنمر عليه والتشهير به أو التعليق بكلمات بذيئة تكشف عن أخلاقك الفاسدة. البعض يهوى شخصنة الأمور، فعندما يريد التعليق على المواضيع المطروحة أو الصور والفيديوهات لا ينتقد بتجرد ولا يركز على المحتوى بل يتحول إلى كلبٍ مسعور ويبحث عن تفاصيل حياتك أو التنمر على انتمائك العائلي أو شكلك، ويعتقد أنه بذلك ينتقد رأياً شاركت به أو موضوعاً طرحته للمناقشة، وهنا ينفضح الشخص المُجرد من الثقافة والمعرفة ويظهر الشخص البربري الذي بداخل المتابع الذي لا يستحق متابعتك أصلًا ولم تدعه للمتابعه!. • أصبح من الضروري تهذيب فضول التواصل الاجتماعي ومراعاة الأثر السلبي الذي قد يتركه المتنمر على المشهور أو الشخصيات العامة، ففي النهاية لكل شخص عائلة وأهل وأصدقاء فوجب الاحترام في التعليقات أو التجاهل وإلغاء المتابعة. • انتبه قبل أن تُعلق تعليقاً خارجاً عن الأدب، فالجرائم الإلكترونية تقف بالمرصاد لكل من يتطاول على الآخرين أو يخدش حياءهم أو يقدم محتوى خارجاً عن الأدب والأخلاق، فقد يكلفك تعليق مبالغ تعويضية كبيرة وسجنا وتشويه سمعة للأبد.