12 سبتمبر 2025

تسجيل

عندما يتعلق القلب بالأمل في الله !

13 أغسطس 2023

من أهم مصادر قوة الإنسان أن يتعلق قلبه بالأمل في الله، لكن ذلك المصدر لا يحدثك عنه خبراء التنمية البشرية والقيادة الذين ينقلون من الكتب الغربية. والإنسان يحتاج دائما إلى الأمل ؛ فبدونه لا يستطيع الإنسان أن يعيش، لذلك يقوم الإنسان بصياغة آماله اعتمادا على قراءته لواقعه وقدراته ومصادر قوته، فإن لم يكن قادرا على فهم الواقع أصبحت الآمال نوعا من أحلام اليقظة التي يمكن أن تدمر الإنسان إذا غرق فيها،وانسحب من المجتمع. لكن هناك الكثير من الناس تكون آمالهم في الحياة محدودة وبسيطة لأنهم أصبحوا عبيدا للواقع لا يستطيعون أن يفكروا خارجه، أو يثوروا عليه، أو يحاولوا تغييره. أما المسلم فإنه لا يغرق في أحلام اليقظة، ويقرأ واقعه بعمق، ويعمل بشكل مستمر لاستخدام مواهبه وتطوير قدراته وتوظيف مصادر قوته، لكنه ليس عبدا للواقع، فهو يعمل لتغييره، ويقوم بوظيفته في اعمار الأرض، فيبحث ويكتشف ويبتكر ويأخذ بالأسباب، ويسعى في دروب الحياة. لكنه وهو يبذل جهده يتعلق قلبه بالله الذي يؤمن أنه القوي القادر على كل شيء، وبذلك يتميز المسلم عن غيره، فآماله دائما ترتبط بإيمانه، وهو يقوم بصياغتها في ضوء رسالة الله الخاتمة للبشرية ( القرآن الكريم )، وسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وسنته، وتاريخ الاسلام وحضارته ومبادئه وشريعته، وفي ضوء ما يؤمن به المسلم تصبح آماله مشروعة وكريمة وعظيمة وكبيرة. عندما أصبحت آمال الناس قليلة من أهم أسباب ضعف الأمة أن آمال الناس أصبحت محدودة،وقليلة القيمة،وتنحصر في بعض المطالب المادية، فهان الناس على أنفسهم، وهانوا على الدول والعالم، فالذي يكون كل أمله الحصول على المال يمكن أن يبيع نفسه لمن يشتري، ويكون ثمنه قليلا.. والذي يكون أمله الحصول على منصب يبالغ في الانحناء والنفاق، ويتخلى عن كرامته. لذلك تتناسب الآمال العظيمة مع علو الهمة وقوة العزيمة والفخر بالهوية الاسلامية، والايمان بالله. ولكي نتمكن من تفسير التاريخ الاسلامي وصعود الحضارة الاسلامية وانتصار المسلمين على الفرس والروم، يجب أن نقرأ بعمق الدوافع التي تحركهم، والآمال العظيمة التي كانوا يعيشون لتحقيقها. لقد كان أملهم هو ارضاء الله، الذي آمنوا به، وعبدوه ليرضى، فأدهشهم بعطائه، وأنعم عليهم بالنصر والمجد والشرف وقيادة الأمم، فحرروا البشرية من الظلم والقهر والعبودية لغير الله. كان أملهم هو ارضاء الله سبحانه وتعالى، وكانوا يتطلعون إلى الآخرة، فهم يؤمنون أن في الجنة نعيما لا يصل إليه خيال إنسان.. فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأن السعادة الكاملة تتحقق للمسلم عندما يدخل من باب الجنة. لتحقيق هذا الأمل نعمل ! من أجل تحقيق هذا الأمل يعمل المسلم طوال حياته، وفي الطريق يحقق الكثير من الآمال مجدا وشرفا وعزا ومكانة وجاها، ويصبح قائدا، وينعم الله عليه بخير كثير. ولأنه علم قلبه كيف يتعلق بالله وحده، فإن الدنيا تكون في يده، فينفق من ماله بكرم، ولا يخشى الفقر، ويستخدم مكانته في القيام بحاجات الآخرين وادخال السعادة على نفوسهم، وعندما يفعل ذلك يدرك أن الفضل لله وحده، فهو الذي أنعم عليه بالمال الذي يتصدق به، وبالجاه الذي يستخدمه في خدمة الآخرين، وبالمعرفة التي يعلمها للناس ليضيء بها قلوبهم وعقولهم. لذلك عندما يتعلق القلب بالأمل في رحمة الله وكرمه وفضله وقوته يسعى المسلم مطمئنا في الحياة أن الله سيعطيه أكثر مما يتمنى، وأن رضا الله أعظم غاية يحققها الإنسان في حياته القصيرة. لذلك فإن نقطة الانطلاق لبناء المستقبل أن يتعلق قلبك بالأمل في الله.