22 سبتمبر 2025
تسجيلفيما تتعثر وتجمدت مفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران منذ الصيف الماضي، استؤنفت بمفاوضات غير مباشرة مؤخراً بين أمريكا وإيران في سلطنة عُمان، يرافق ذلك زيارات مستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن الوطني للمنطقة وعُمان في مايو الماضي، لتحريك ملف المحتجزين الأمريكيين من أصول إيرانية في إيران بطريقة غير قانونية كما تصر إدارة بايدن- وزيارة السلطان هيثم بن طارق إيران في نهاية الشهر نفسه. بعد عامين من مفاوضات مضنية وغير مباشرة في سلطنة عُمان حول ملفين منفصلين-الاتفاق النووي، وصفقة مقايضة تبادل الافراج عن 5 رهائن أمريكيين من أصول إيرانية مسجونين على خلفية التجسس وقيامهم بأنشطة غير شرعية ضد الأمن القومي الإيراني حُكم عليهم بالسجن 10 سنوات، والافراج عن 5 سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة، بدور ووساطة دولة قطر وزيارات لطهران وواشنطن، مهدت الطريق لنجاح المفاوضات المضنية غير المباشرة في سلطنة عمان بين الطرفين، حول ملفين تحريك ملف الاتفاق النووي، وصفقة مقايضة تبادل الافراج عن الرهائن والافراج عن أرصدة إيران. بدأ التحرك للإفراج المتبادل عن 5 سجناء أمريكيين من أصول إيرانية في طهران على خلفية التجسس وقيامهم بأنشطة غير شرعية ضد الأمن القومي الإيراني وسجنهم عشر سنوات. مقابل إفراج أمريكا عن 5 سجناء إيرانيين مدانين ومسجونين لمخالفتهم القوانين الأمريكية وخاصة قوانين العقوبات على إيران،لمصلحة إيران وتزويدها بمعدات تُستخدم لأغراض مدنية وعسكرية معاً. وكذلك الافراج عن ودائع إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية والعراق ثمن تصدير النفط والغاز الإيراني منذ سنوات، تصل بمجملها كما تطالب إيران 10 مليارات دولار. بينما لم تفصح الولايات المتحدة عن حجم المبالغ، لكن يُروج 6 مليارات دولار من كوريا الجنوبية و1.6 مليار دولار من العراق، وسبق ذلك الافراج عن 2.7 مليار دولار من العراق في يونيو الماضي من ديون من أرصدة إيرانية مستحقة على العراق مقابل تزويد العراق بالغاز الطبعي والكهرباء! ستستعيد إيران أرصدتها المحتجزة بشكلٍ غير مباشر، تم تحويل الأرصدة الإيرانية المجمدة من كوريا الجنوبية إلى حساب بنكي في سويسرا، وتحول لليورو، من أجل الإنفاق على عقود الانفاق على الدواء والغذاء والمواد والمعدات الطبية وغيرها من المتطلبات الإنسانية لإيران. رسخ نجاح صفقة تبادل السجناء والافراج عن الأرصدة تحول مهم عزز دور ومساهمة حلفاء أمريكا الخليجيين بإثبات فعاليتها على الدوام. والقدرة على انتزاع ثقة طرفي الصفقة-الولايات المتحدة وإيران وخاصة تجاه دولة قطر وسلطنة عمان كوسطاء محايدين، لاستضافة وتسهيل وتوفير الآلية لإنجاح الصفقة. وهذه شهادة وانجاز مهم يتجاوز معادلة النفط والغاز مقابل توفير الأمن والحماية التقليدية! وقدرة الحلفاء الخليجيين على لعب دور محوري في حماية وتحقيق مصالح الطرفين المشتركة. شهدنا ذلك بنجاح دبلوماسية الوساطة القطرية النشطة بجمع الأميركيين وممثلي طالبان وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي السابق بومبيو والملا برادار في الدوحة. وتمثيل مصالح أمريكا في سفارة قطر في كابول وإجلاء واستضافة قطر ل70 ألف مواطن أمريكي وأفغاني ومواطنين غربيين من أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي قبل عامين! ومشاركة دول خليجية أخرى في الإجلاء والعبور. ما ينعكس ايجاباً على خفض التوتر ولو جزئياً لحلحلة الملفات الشائكة والعالقة. ما سيساهم ببناء الثقة ويمهد للتوصل لاتفاقيات في ملفات أهم. أبرزها العودة للاتفاق النووي! وُقع في عهد إدارة الرئيس أوباما عام 2015. وكان بايدن نائب الرئيس أوباما حينها. لينسحب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي عام 2018-ويفرض أقسى العقوبات على إيران. وكذلك يؤمل البناء على نجاح صفقة تبادل السجناء والافراج عن أرصدة إيران المحتجزة خفض التوتر في المنطقة، بعد إرسال 3000 عسكري أمريكي إلى منطقة الخليج العربي لردع أنشطة إيران المزعزعة للأمن وتهديد أمن الطاقة وقرصنة احتجاز ناقلات نفط في مضيق هرمز. وقد تعرض الرئيس بايدن وإدارته لانتقادات لاذعة من الأغلبية الجمهورية في الكونغرس بتسييس الصفقة الانسانية، باتهامه وإدارته بدفع «فدية» للإيرانيين لمقايضة الإفراج عن المحتجزين الأمريكيين في إيران. برغم نجاح إدارة بايدن بإنجاز الصفقة، تعد انتصاراً شخصياً لبايدن بتحقيق تعهده بالإفراج عن جميع الرهائن الأمريكيين في الخارج، خاصة في روسيا وإيران. وكانت إدارة بايدن نجحت بالإفراج عن أمريكي آخر بوساطة سلطنة عمان من إيران، وعن برتني غرينر لاعبة كرة السلة المحترفة من روسيا. إلا أن الجمهوريين في الكونغرس سيسوا الصفقة بتوجيه انتقادات لاذعة للرئيس بايدن وإدارته، واتهامه بدفع «فدية» للإيرانيين لمقايضة الإفراج عن المحتجزين الأمريكيين. سيوظف الرئيس بايدن الورقة في حملته الانتخابية للرئاسة في مواجهته ترامب، ما لم يُدان ويُسجن بسلسلة تهم فيدرالية غير مسبوقة لرئيس سابق، يتصدر استطلاعات الرأي ضد جميع منافسيه التسعة في سباق الرئاسة عام 2024!