13 سبتمبر 2025
تسجيلفي "خطاب الجلوس" يعلن الدكتاتور التالي: "سأختار أفراد شعبي، سأختاركم واحداً واحداً، من سلالة أمي ومن مذهبي، سأختاركم كي تكونوا جديرين بي... وأكون جديرا بكم ، سأمنحكم حقا أن تخدموني ، وأن ترفعوا صوري فوق جدرانكم ، وأن تشكروني لأني رضيت لكم أمة لي! تتداعى على مسمعي هذه الأبيات في كل ذكرى تمر على رحيل قائلها الشاعر الفلسطيني محمود درويش، أبرز الشعراء العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، شاعر الحب والوطن والمقاومة. وفي هذه الأيام غير المباركة يكمل الراحل ذكراه السادسة وغزة تقصف من قبل إسرائيل وبمباركة دينية عربية وإسلامية سنية وشيعية وغير مذهبية؟!في شعر درويش وفي "خطب الديكتاتور" والتي نشرت قبل خمسة وعشرين عاماً بالتحديد، ستدرك أن الاحباطات والإخفاقات والأزمات والانكسارات المتجسدة في العالم العربي بعد "الربيع" لا تأتي من الأعداء في الخارج حصرا بل بمشاركة من أبناء الجلدة في الداخل، وباتت الأوضاع أبشع من السابق وأصبح التحسر على "القائد الديكتاتور" بالأمس أكثر من مسوخ الديكتاتورية اليوم؟! فضحت أشعار درويش كما تفضح الوقائع و الحقائق الأنظمة العربية المستبدة التي فقدت شرعيتها وتكشفت عورتها تلك التي راهنت على التطبيع وتسويق شعارات السلام في معسكر المسمى "الاعتدال" عنوة، أو تلك التي خدعتنا من خلال المتاجرة في القضايا العربية في جبهة الصمود والممانعة والمقاومة التي لم تطلق رصاصة على العدو بل وجهت الصواريخ على شعوبها ؟! فهذه الأنظمة المتسلطة لا تعرف غير شريعة القسر والقتل والإرهاب لكي تعيش وتستمر؟! يقول محمود درويش ساخرا عن دعاة التطبيع بعد فضح دعاة المتاجرة بالقضية (عاش السلام… ومن أجل هذا السلام أعيد الجنود من الثكنات إلى العاصمة، واجعلهم شرطة للدفاع عن الأمن ضد الرعاع، وضد الجياع، وضد اتساع المعارضة الآثمة... وفي السجن متسع للجميع، من الشيخ حتى الرضيع، من رجل الدين حتى النقابي. والخادمة) ويشير على لسان الديكتاتور الذي يراهن على الزمن ويعتقد انه سيبقى طول العمر (بلغت الثمانين لكنني سأعيش ثمانين أخرى، وتسعين أخرى .. وأرفع سيفي قلم، وأحمل عنكم توابيتكم عندما تهلكون... فمن واجبي أن أعيش ومن حقكم أن تموتوا ، لأنجب جيلا جديدا يواصل أحلامكم، فاعلموا ، أن ما فوق أرضي يجري بأمري ، وما تحت أرضي يجري بأمري ، فلا تهربوا من مشيئة قصري)! وعندما يعتقد الديكتاتور أن كل شيء على ما يرام، واستتبت له مقادير الأمور تنفجر ساعتها الثورة من رحم القهر والقبور؟!